بعد تعيينه سلطاناً لعمان خلفا لابن عمه الراحل
متابعة ـ الصباح الجديد:
أدى وزير التراث والثقافة العماني هيثم بن طارق امس السبت اليمين الدستورية بعد تعيينه سلطاناً لعمان خلفا لابن عمه الراحل قابوس بن سعيد الذي توفي امس الأول الجمعة عن 79 عاما.
وقابوس الذي تولّى الحكم في 23 تمّوز 1970 بعدما انقلب على أبيه كان يتلقّى العلاج من سرطان في القولون بحسب دبلوماسيّين.
وكانت وكالة الأنباء العمانيّة الرسميّة اعلنت وفاة السلطان قابوس نقلا عن البلاط السلطاني. وقالت على موقعها وحسابها في تويتر «ينعي ديوان البلاط السلطاني المغفور له بإذن الله تعالى مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور المعظم» الذي توفي امس الأول الجمعة 10 كانون الثاني.
وقد عقدَ مجلس الدفاع العُماني جلسةً له بُعيد وفاة قابوس، وفق الوكالة التي ذكرت أن ديوان السلطان أعلن «الحداد وتعطيل العمل الرسميّ للقطاعَين العام والخاص لمدّة ثلاثة أيّام وتنكيس الأعلام في الأيّام الأربعين القادمة».
وكان الإعلام العماني نقل الثلاثاء الماضي عن ديوان البلاط السلطاني قوله إنّ «حال السلطان قابوس مستقرّ» منذ نقله إلى المستشفى مؤخّرًا.
وأشارت وكالة الأنباء العُمانيّة الرسميّة إلى أنّ وفاة السلطان جاءت «بعد نهضة شامخة أرساها خلال 50 عاما منذ أن تقلّد زمام الحكم في 23 من شهر تموز عام 1970 وبعد مسيرة حكيمةٍ مظفرةٍ حافلةٍ بالعطاء شملت عُمان من أقصاها إلى أقصاها وطالت العالم العربي والإسلامي والدولي قاطبة وأسفرت عن سياسةٍ متّزنةٍ وقف لها العالم أجمع إجلالاً واحترامًا».
والسلطان قابوس غير متزوج ولا ابناء ولا اشقاء له. وتكثفت الشائعات حول وضعه الصحي في الأسابيع الأخيرة منذ عودته من بلجيكا حيث خضع لفحوص طبّيّة.
وكانت زياراته المتكرّرة لألمانيا بدافع العلاج قد أثارت القلق حول خلافته واستقرار البلاد التي تؤدّي بانتظام دور الوسيط للحفاء الغربيين خصوصا في العلاقات مع إيران.
وأعلنت الحكومة العمانية في تغريدة صباح امس السبت أن «صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق بن تيمور آل سعيد حفظه الله يؤدي القسم سلطانا للبلاد ، إثر انعقاد مجلس العائلة المالكة وتقريره تثبيت من أوصى به جلالة السلطان قابوس بن سعيد».
وأشار معلق التلفزيون العام في السلطنة إلى أن العائلة المالكة قررت فتح رسالة تركها السلطان الراحل وحدد فيها اسم خليفته.
وبحسب الدستور، يمكن لمجلس العائلة المالكة، خلال ثلاثة أيام من شغور منصب السلطان، تحديد من تنتقل إليه ولاية الحكم.
والسلطان الجديد هيثم بن طارق (65 عاماً)، محب للرياضة، وتولى منصب نائب وزير الخارجية للشؤون السياسية، قبل أن يصبح وزيراً للتراث والثقافة في التسعينات.
دور الوسيط
وُلد السلطان قابوس في 18 تشرين الثاني سنة 1940 في صلالة في الجنوب حيث تابع تعليمه المدرسي، إلى أن التحق بأكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية في بريطانيا وهو في العشرين من عمره.
وتخرّج السلطان منها بعد عامين برتبة ملازم، ثم خدم في المانيا ضمن فرقة عسكرية بريطانية لمدة عام.
لدى عودته إلى بلاده سنة 1964، اصطدم السلطان بسياسة متشددة كان يعتمدها والده الرافض لأي تحديث، إلى أن تولى الحكم في 23 تموز 1970 بعدما انقلب على أبيه، ليطلق مرحلة من التحديث بدأت بتصدير النفط.
وأعلن قابوس نفسه «سلطان عمان» بعدما كان لقب الحاكم «سلطان مسقط وعمان»، وأصبح الحاكم الثامن في سلالة آل سعيد منذ أن تولت الحكم في 1749، فقام فورا بتغيير العلم والعملة.
اعتمد السلطان قابوس سياسة تقارب مع إيران الواقعة على الضفة الاخرى من مضيق هرمز، وذلك على النقيض من حكام عرب آخرين. وقد اتخذ موقفا محايدا خلال حرب العراق مع إيران بين عامي 1980 و1988.
وأتاحت له علاقته القريبة من إيران بأن يلعب دور الوسيط في الملف النووي، الامر الذي تمخّض عنه اتفاق مهم في العام 2015 بين طهران وواشنطن في عهد باراك اوباما، قبل أن ينسحب منه الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
ومنذ مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني في العراق الأسبوع الماضي بضربة أميركيّة، اشتدّت الأزمة الإقليميّة حدّة.
وفرضت الولايات المتحدة امس الأول الجمعة عقوبات جديدة على ثمانية مسؤولين ايرانيين كبار اتهمتهم بالعمل على زعزعة استقرار المنطقة، وكذلك على كبار منتجي ومصنعي الصلب في الجمهورية الاسلامية.
وتوجّهت الدول الغربيّة مرارًا إلى مسقط لتطلب منها العمل كوسيط، ليس في النزاعات الإقليميّة فحسب، لكن في القضايا الدولية أيضًا.
وتوسّطت عمان أيضًا بين طهران وواشنطن لإطلاق سراح سجناء، بما في ذلك إطلاق سراح ثلاثة أميركيين سجنوا في إيران للاشتباه في كونهم جواسيس بعدما ضلوا طريقهم عبر الحدود العام 2009.
وحافظت مسقط على علاقات جيدة مع طهران، وبقيت في مجلس التعاون الخليجيّ رغم العداوة العميقة بين السعودية وإيران.