حملة عراقية داعمة للإنتاج الوطني تكبد المستورد خسائر كبيرة
الصباح الجديد _ وكالات :
أخذت حملة «دعم الإنتاج الوطني» التي أطلقها ناشطون عراقيون منذ أيام، تأخذ صداها بشكل واسع بين شتى مكونات المجتمع، وذلك بالتزامن مع دعوات مقاطعة السلع الاجنبية من اجل التوعية بدعم المنتج المحلي في العراق.
وسبب الرفض غير المسبوق من جميع مكونات الشعب العراقي للبضائع المستوردة كسادا وانخفاضا كبيرا في أسعارها، الأمر الذي كبد التجار المستوردين خسائر كبيرة خلال أقل من شهرين، ودفعهم إلى إغلاق أحد أهم معاملهم بالعراق.
وفي حديث قال أبو جاسم صاحب أحد المتاجر الكبيرة في العاصمة بغداد، إن «حملة دعم الإنتاج الوطني صبت بشكل إيجابي في الطلب على محلية الصنع خلال الأسابيع القليلة الماضية، قياسا بالمرحلة التي سبقت الاحتجاجات الشعبية».
وأضاف أن «الزبائن أصبحوا يسألون وبكثرة عن المنتجات العراقية، ويفتشون عنها في السلع الغذائية، وتحديدا منتجات الألبان، الأمر الذي تسبب بتلف الألبان المستوردة بعد انتهاء مدة صلاحية المنتج» والتي كانت من أكثر السلع طلبا في السوق، لكنها الآن أغلقت معملها في النجف بعد الحملة الأخيرة، لأنها لم تعد مرغوبة مثل السابق، برغم أسعارها المنخفضة».
وأشار إلى أن «الإقبال اليوم توجه نحو منتجات ألبان معامل أبو غريب العراقية، التي تضاهي من الأساس المنتجات المستوردة من حيث الجودة والمذاق، وكذلك أصدرت منتجات جديدة خلال الأيام القليلة الماضية، لسد طلب السوق».
الخبير الاقتصادي أسامة التميمي، قال إن «الرفض المجتمعي للمستورد الإيراني ارتبط حاليا بالتدخل السلبي في البلد، فبالتأكيد ردود الفعل المجتمعية حاصلة داخل البلد» ، وتابع التميمي: «لأن هذا يسمى تسويق بضائع وتعطيلا حقيقيا للإنتاج المحلي، إذ إن العراق فيه إنتاج ألبان وجلود وكثير من الصناعات، لا داعي لاستيرادها. وكذلك هناك صناعات تكميلية مثل معامل إنتاج السيارات، فالبعض منها تشترك في إنتاجها 20 دولة».
وبخصوص قدرة الإنتاج الوطني على سد حاجة الطلب في الأسواق وتعويض نقص المستورد، قال التميمي؛ «بالتأكيد لا يسد الحاجة، لكن أن تبدأ خير من ألّا تبدأ، والبداية توصلنا إلى التكامل» ، مشيرا الى انه «لا يوجد بلد في العالم ينتج كل ما يحتاجه، فلا بد من الاستيراد، ويكون خاضعا لشروط الجودة العالمية، وألّا تكون المواد موجودة داخل البلد نفسه».
ولفت إلى أن «ما يحصل اليوم من هبة مجتمعية لمساندة المنتج المحلي هو شيء إيجابي، لأنه يشجع أصحاب المعامل العراقية من زيادة الإنتاج وتطويره، وعلى الدولة حكومة وبرلمان مساندة ذلك بقوانين تضمن حقوق العاملين في القطاع الخاص».
وبيّن التميمي أن «ما يحصل في العراق هو أن الدولة لا تدعم الاستثمار، فبالتالي أصبح البلد طاردا للمستثمر، لأنه لا يجد أرضية صالحة للاستثمار، واليوم لم تعد النظرية السابقة التي تقول إن (رأس المال هو الأهم بالمعادلة الاقتصادية) هي الأساس بالاستثمار، وإنما أصبحت اليوم القوى العاملة هي الأهم».
وتابع: «ناهيك عن أن الشعب العراقي هو شبابي؛ لأن 60 بالمئة هم من فئة الشباب، إضافة إلى أن القوى العاملة كلما كانت متعلمة وليست جاهلة كان ثمنها أفضل، وإذا وجد المستثمر تسهيلات قانونية، فإنه سيجد يدا عاملة متوفرة في السوق العراقي».
ولفت إلى أن «الخضروات العراقية ليست بالمستوى المطلوب حتى الآن، فالزبون يأتي يشتري الإنتاج المحلي، لكنه إذا لم يجدها ذهب إلى أخذ التركي أو المصري أو السوري، ويترك الإيراني، وذلك ما عدنا نأتي بأي شيء إيراني برغم رخصه» ، لكن أبو حسن أكد أن «ذلك يختلف ربما من حي إلى آخر في بغداد أو من طبقة معيشية إلى أخرى، فالبعض يسأل عن الخضروات والفواكه الإيرانية لأنها أقل تكلفة بالنسبة له من غيرها».
ورأى أن «الحملة هذه تشجع الفلاح العراقي على تحسين إنتاجه والتعب عليه أكثر، لأن السوق بات يطلب كل شيء يزرع في البلد ويفضله على غيره، وهي فرصة لإثبات الوجود ومنافسة المستورد بشكل عام».