منذ عهود طويلة يزخر العراق بطاقات بشرية كان لها الريادة في قيادة وإدارة عجلة البناء والتنمية وحتى في ظل الاحتلالين العثماني والبريطاني تمكنت العديد من الكفاءات العراقية في مجالات الجيش والشرطة والاقتصاد والسياسية من فرض حضورها في البعثات والدورات العلمية والتدريبية مما مكنها من نيل فرصها في التفوق واثبات قدراتها لإدارة المهام التي انيطت بها بعد العودة إلى البلاد ويكفي هنا أن نذكر على سبيل المثال لا على سبيل الحصر أسماء مثل هذه الشخصيات ياسين الهاشمي ونوري السعيد وساسون حسقيل ومحمد حديد وهناك من الطاقات والكفاءات العراقية من استعانت بها دول عربية واجنبية للاستفادة من خبراتها في التاسيس للانظمة المالية والاقتصادية لبلدانها وفي الوقت الذي كانت فيه دول عربية تتعثر في مسيرتها في مجالات التربية والتعليم العالي ومنها دول خليجية ودول المغرب العربي كان المعلمون والمدرسون واساتذة الجامعات العراقية يرسلون إليها من قبل الحكومات من اجل المساعدة في إنشاء الجامعات وفي تطوير المناهج الدراسية وفي مجالات أخرى مثل الفن والرياضة توزع في ارجاء العالم العشرات من التشكيلين والنحاتين والموسيقيين وفناني المسرح العراقيين وابهروا الجمهور بعروضهم ونتاجاتهم ويكفي أن نقول ان دولا مثل بريطانيا والمانيا وبعض الدول الخليجية يعمل في مستشفياتها الآلاف من الأطباء العراقيين ويمارسون مهامهم وتستفيد من خبراتهم مؤسسات علمية وبحثية مختلفة ولسنا هنا بصدد البحث عن اسباب وجود مثل هذه الكفاءات في دول المهجر ولكننا نريد أن نشير إلى حقيقة مهمة وهي أن العراق وطن ولاد للطاقات وان الحروب والظروف الامنية والسياسية والاقتصادية ساهمت إلى حد كبير في هجرة الآلاف من أبناء هذا الوطن وان هذه الطاقات تنتمي إلى عناوين مختلفة من المجتمع العراقي فمنهم المسلم والمسيحي والصابئي ومنهم العربي والكردي والتركماني ومنهم من أبناء الريف والقرى والمدن ومنهم من شاءت الظروف أن يولد في أرض غير أرض العراق لكنه ينحدر من أصول هذا الشعب وهذا الوطن وان القضية الاهم ليست في تقسيمهم أو تمييزهم بل هي في كيفية توفير الفرص المناسبة لابناء هذه البلاد و توظيف امكانيانهم لخدمة الشعب والوطن اما الحديث عن التقسيم الاجتماعي والتمييز بين مايسمى بعراقي الداخل وعراقي الخارج فإنه تقسيم مج وممقوت ينتمي إلى ثقافات متعصبة ومشوهة غير قادرة على التواصل الحي مع كل مسارات التحضر والتفاعل مع العالم المتمدن ولابد هنا من الاشارة أن امما حية ودول لاتملك من سجل الحضارة التاريخ الشيء الكثير تمكنت في سنوات معدودة من صنع وجودها والتحقت بالركب الاممي بفعل مبادرات واعمال متميزة تعاضد فيها السكان الاصليين والمهاجرين وتعاهدوا على النجاح والتنافس مع الدول الأخرى لتحقيق التفوق وتوظيف الاختلاف والتنوع في المجتمعات بما ينفع ويزيد من الطاقات والامكانات البشرية وفي مثل الظروف التي يعيشها العراق اليوم فان الحاجةتبدو ملحة من اجل التفكير في سبيل تفعيل مبادرات تستثمر وجود كفاءات عراقية في الداخل والخارج من اجل منحها الفرصة لاصلاح ماتم تخريبه بادوات طائفية أو حزبية والشروع بأن يكون للمهارة والنزاهة العنوان الأسمى في ميدان التنافس ومغادرة عناوين التمييز والتقسيم سيئة الصيت.
د. علي شمخي