خضير الزيدي
لم يأخذ النقد التشكيلي ومصادره المهمة في الساحة النقدية حظا وافيا وتقديرا كبيرين. وشكل غيابه في يوما ما نكسة لنا جميعا واحسب أن العراق بكل ما يحفل به من أسماء فنية رسومات تشكيلية وأعمال نحتية وخزفية هو الأهم في العالم العربي قياسا لما نشاهده من لوحات لكن المؤسف ظل غياب مصادر النقدي هي الشاغل لنا جميعا .واعتقد بان الأمر لم يكن محض صدفة بل هناك قصور حتى في اغلب الجهات الأكاديمية من جهة يضاف لها الحمل الأكبر الذي تتبناه وزارة الثقافة عبر مشاريعها التي غيبت من خلال إصدار الدوريات أو الصحف والكتب لأسماء نقدية مهمة منذ الستينيات حتى يومنا هذا نعم نعترف ثمة محاولات صحفية ومجلات ومطبوعات مثل مجلة الفكر الحديث لجميل حمودي ومجلة الإذاعة والتلفزيون وقسم منها خصص للفن التشكيلي وما يسمى فيما بعد مجلة فنون وأفاق عربية التي نشرت في بعض صفحاتها أخبار عن الفنانين بالورق الملون وكذلك لا ننسى مجلة الرواق لإسماعيل الشيخلي وفنون عربية التي ظلت وفية لخطابها النقدي الخاص بالفن التشكيلي كل هذه لم تكن بالمستوى والطموح الذي نسعى إليه منذ ذلك الزمن لكنها في نفس الوقت (كانت جزءا من الحل ) والحقيقة علينا الاعتراف بها ولابد من التأكيد عليها بان طموحنا تجاوز هذه الدوريات التي توقفت وكنت انظر لها بعين الاعتبار وخاصة مجلة فنون عربية بطبعتها اللندنية المميزة وبأسمائها النقدية المهمة لكني ومن منظور الفكر والاهتمام بالجانب التشكيلي أجد في غياب مصادر النقد والتأليف هو الهاجس المهم فربما كان لغياب أو قلة الدراسات والكتب الخاصة بهذا المضمار ….في مواكبة جديدة ومهمة استطاعت مجلة تشكيل أن تسد لنا الفجوة في هذا الحقل عبر القائمين على إدارتها وهيكلية التحرير ونجد أن الظروف الموضوعية لم تكن بالمستوى المطلوب لتعزيز هذا الإصدار فكنا نتمنى انتظام في إصدارها وفتح منافذ الاطلاع على الفن العربي ومن ثم توسيع الرقعة لكتاب غربيين أو دراسة ظواهر الفن الغربي /العربي / العراقي بمعنى أن تبقى محافظة على هويتها العراقية ..مع فتح الباب واسعا أمام جماليات الرسم العالمي .. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل تنجح مجلة تشكيل لوحدها في تحقيق غاياتنا وطموحنا؟
اعتقد أن الإجابة بالضد المجلة تحتاج ومن وجهة نظر شخصية إلى أن تصدر مع كل عدد مطبوع نقدي يتناول ظاهر فنية .. أو أسماء تشكيلية أو تصدر ملاحق مع المجلة ليكون خطابها في نهاية الأمر ليس المقالة الصحفية في ذات الدرس النقدي فحسب بل الولوج عميقا نحو المصدر الذي يشار إليه بالبنان. الالتفاتة الجملية التي تبنتها دائرة الفنون التشكيلية بمناسبة بغداد عاصمة الثقافة كانت جديدة بالاحترام من خلال إصداراتها الأخيرة لقد إعادتنا لمرحلة الثمانينيات واهتمام الثقافة ودور نشرها بالمطبوع الفني ولا احد ينكر بهذا السياق ما للناقد صلاح عباس من دور فاعل ومؤثر في إذكاء هذا المشروع ومع كل ذلك يبقى الطموح نحو الاهتمام بمجالات النقد والمطبوع أوسع مما نتلمسه بل وشخصيا أمل إن نجد الأفق الأرحب لمطبوعات أخرى ..الواجهة الثانية التي ساعدتنا هي إصدارات دار الأديب في عمان لصاحبها هيثم فتح الله عزيزة .استطاعت أن تعمق لنا الكثير من مفاهيم الإصدار النقدي التشكيلي وتضعه أمام أنظارنا ومع أن الجهود تبقى فردية إلا أنها تعجز الثقافة ودوائرها عن إصدار كتب مشابهة لها كالتي قراناها لعاصم عبد الأمير في أبواب محمد غني وجواد الزيدي وكتابه عن سعد الطائي وكتاب خالد الصالحي عن هاشم حنون والكتب الثانية عن علاء بشير ويحيى الشيخ وغسان غائب والكتاب الأخير عن محمود صبري وغيرها من الأسماء الفنية المرموقة إلا يمكن لهذا المصادر أن تشكل عتبة نقدية يمكن ان يرجع إليها الباحث والدارس والمختص ذات يوم ؟
غياب المصدر النقدي تتحمله وزارة الثقافة وتساهم فيه بشكل واضح ونرصد من خلال إصدار دار الشؤون الثقافية غيابا واضحا لهذا المصدر ليس لقلة الكتاب لا احسب أن هذا السبب قائم اليوم فلدينا نقاد مثل عبد الرحمن طهمازي سهيل سامي نادر وعاصم عبد الأمير .وصدام الجميلي وحسن عبد الحميد وفاروق يوسف وعادل كامل علي النجار .موسى الخميسي وسعد القصاب وغيرهم كل هؤلاء وأناس لا يقلون اهتمام عنهم لم نجد لهم الإصدار المتواصل أو التكليف من قبل المؤسسات الحكومية للنهوض بواقع النقد التشكيلي كاختصاص تلتزم به المؤسسة الإصدار المنتظم ؟ يعد الأمر إجحافا ليس بحقهم بل بحق الفن. ثم لنتساءل بكل شفافية ما الجديد. والبديل عن مجلة (تشكيل) اليوم ماذا لو لم يتسن لها المواصلة. سنكون عندئذ في جهل متعمد للنقد والإصدار الحقيقي لها أتمنى واجد من الضروري أن تأخذ دائرة الفنون التشكيلية الاهتمام بطبع الكتب والملازم وتطوير المجلة من ناحية الشكل والتوزيع المدروس الذي يجعلها تتواجد في الكليات أو المعاهد أو توزيعها خارج العراق ..اليوم نامل من خلال مجلة الجمعية التي ستصدر قريبا ان تكون حافزا وملاذا يواكب الفن العراقي.