يدفع ثمنها الفقراء..
بغداد – زينب الحسني:
صعد الشاب حسين الى سيارة الاجرة ” الكيا” وهو يتذمرويتكلم من دون توقف عن ما حصل له في سيارة اخرى كانت تقله من مدينة الشعب الى حيث نزل بالقرب من جامع النداء، بدأ حسين حديثه قائلاً : انا اعاني من الربو ولا املك المال لاستأجر التاكسي ،واغلب ركاب سيارات الاجرة هم من الطبقة الفقيرة ولااحد يكترث لمعاناتهم خصوصاً من سائقي السيارات انفسهم فهم يدخنون طوال الطريق غير مبالين بمن حولهم ، وهناك الكثير من السلوكيات الشخصية التي يمارسها الكثير غير آبهين بانعكاساتها السلبية على حياة من حولهم منها ظاهرة “التدخين في سيارات الاجرة “.
“الصباح الجديد ” عايشت بدورها معاناة اغلب المواطنين من هذا السلوك غير الحضاري والمضر بالصحة والمجتمع وما يترتب على هذا السلوك من آثار سلبية، لتجد ان السيدة مريم هادي تعاني من أزمة في جهازها التنفسي ومشكلات عديد ة اوصلتها الى عيادة الطبيب لتتفاجأ بكلامه ومدى خطورة استنشاق دخان السكائر على صحتها وهو ما تطلب منها اجراء العديد من الفحوصات والتحاليل لمعرفة مدى تأثير ذلك على جهازها التنفسي بعد ان ساءت صحتها .
والأمر لا يقتصر على معاناة السيدة مريم هادي من هذه الظاهرة السيئة، إذ إن الشاب عمر سمير بين لنا ان حجم معاناته في العمل جراء الدخان الكثيف المنبعث من زملائه المدخنين والذي يسبب له الغثيان فهو يعيش مأساة مضاعفة في الشارع والعمل، يقول عمر أنه طلب من زملائه أكثر من مرة تجنب التدخين من دون فائدة، لافتًا إلى أن المشكلة في رأيه، أن الناس اصبحوا لا يقدرون اهتمامات ولا حتى خصوصية من حولهم.
ومن أكثر الفئات المتضررة من التدخين هم الأطفال، خاصة حديثي الولادة ذوي الأجسام الصغيرة، ولأن نموهم غير مكتمل فهم معرضون للإصابة بالأمراض على نحو سريع، وقد يتعذر علاجهم لأن طبيعة أجسادهم لا تتحمل الأدوية وعلى الامهات تجنب البقاء في سيارات الاجرة مع اطفالهن في حال شعرن او شاهدن شخصاً ما يدخن، وبحسب الاختصاصيين فان زوجة المدخن تكون معرضة للإصابة بسرطان الرئة أكثر بثلاثة أضعاف من المرأة التي تعيش في جو خال من التدخين.
يوضح الباحث الاجتماعي مروان القيسي في حديث لـ” الصباح الجديد ” : أن العادات والتقاليد السلبية في مجتمعنا العربي ومجتمعنا العراقي خصوصاً تجعل الكثيرين يتحرجون من ثني هؤلاء المدخنين عن هذا السلوك، خصوصًا إذا كان المدخن زائراً أو رب الأسرة نفسه، والامر ذاته مع سائق السيارة فهو يعد ذلك تقييداً لحريته”.
وعن دور الأفراد في الحد من هذه الظاهرة، يؤكد القيسي على ضرورة منع التدخين في السيارة أو العمل، مبيناً دور الوسائل التعليمية والصحية وشتى الرسائل التوعوية التي أثبتت فاعلية في تقليل الآثار المترتبة على التدخين.
ويؤكد القيسي ايضا على ضرورة نشر التوعية الصحية في المدارس على نحو مقنع،لكون الأطفال يعمدون إلى التقليد وعلينا ان نغرس في داخلهم احترام الاخر وغرس العادات الصحيحة مما يقلل من خطورة هذا الامر .
باحثون في منظمة الصحة العالمية اكدو مؤخراً أن التدخين السلبي يقتل نحو 600 ألف شخص سنوياً في أنحاء العالم أي بمعدل حالة وفاة واحدة من بين كل 100 من الوفيات.
ويجد خبراء المنظمة في أول دراسة لتقييم آثار التدخين السلبي حول العالم أن الأطفال هم الأكثر عرضة للتدخين السلبي من أي فئة عمرية أخرى وأن نحو165 ألفاً منهم يموتون سنوياً بسببه وتكشف الدراسة أنه ولمعرفة التأثير الكامل للتدخين فإن حالات الوفيات هذه يجب أن تضاف إلى ما يقدر بنحو 5.1 مليون وفاة سنوية بسبب الإفراط في التدخين.