الأفكار والمقترحات التي طرحتها المرجعية العليا في النجف الاشرف خلال اللقاء الذي جمع بين اية الله العظمى السيد علي السيستاني ورئيس بعثة الامن المتحدة في بغداد جينين بلاسخارت افكار واقعية ومنطقية يمكن لها ان تشكل مفاتيح الحلول للأزمة العراقية التي تبلورت في تشرين الأول بهيئة حراك جماهيري واسع رافض لنهج النظام السياسي في ادارة الدولة العراقية ورافض لمنظومة الفساد المسشتري في كل مفاصل المؤسسات الحكومية ومن بتتبع خطب الجمعة التي يلقيها ممثلا السيد السيستاني في كربلاء سيجد انها مواكبة بدقة لهذا الحراك الجماهيري ومتصلة بما يدور في ساحات التظاهر ولطالما حذرت هذه المرجعية من قدوم ايام صعبة مثل التي تعيشها اليوم الطبقة السياسية من دون ان يولي الذين يمسكون بزمام الأمور في البلاد الاهتمام بتحذيرات المرجعية وقد غاب عن الكثير منهم أن عاصفة الاحتجاج يمكن لها ان تطيح بمنظومة الاكاذيب والاوهام وان الامان الكاذب الذي احاطوا أنفسهم به سرعان ما تهاوى مع أول كوكبة من الشهداء الشباب الذين سفكت دماؤهم في ساحة التحرير وساحات التظاهرات الاخرى في المحافظات .أن اخطر مايواجهه العراق اليوم هو طغيان هذه الطبقة السياسية وتعاليها وتجبرها وعنادها وتشبهها بالديكتاتورية في تعاطيها مع الاحتجاجات الشعبية وقد اصاب المرجع السيستاني في كلمته الأخيرة حينما نبه رموز السلطة إلى استشراف المستقبل عندما قال ان العراق ماقبل هذا الحراك الجماهيري لن يكون مثل ما بعده لذا من المهم جدا ان يكف المتلاعبون بمصير شعبه عن ممارساتهم الممجوجة وعليهم ان يختصروا الطريق بالذهاب إلى التعديلات الدستورية التي تتيح تغيير قانون الانتخابات وان يدركوا بأن كلمة الشعب هي العليا وان هذا الشعب قال كلمته بكل وضوح بأنه لايطيق رؤية هذه الوجوه مرة أخرى وانه لن يقبل بهذا النهج السياسي المشوه في ادارة البلاد مرة أخرى وان لم تتم الاستجابة لمطالبه التي تبنتها المرجعية العليا فان الثمن سيكون باهظا وان الطريق الاخر سيكون اكثر قساوة وصعوبة على من يرفضون الانصياع لارادة الشعب وان الرهان على الزمن هو رهان خاسر يعمق من الأزمة ويكرس لدموية ووحشية السلطة ويسيء لسمعة العراق في المحافل الدولية التي بدأت تتهاوى في ظل الارقام المتصاعدة لإعداد الشهداء والجرحى في بغداد والمدن العراقية الأخرى وعلى رئيس الوزراء أن يعي جيدا أساليب القوى الحزبية المتحكمة في الابقاء على هذا الانسداد السياسي الذي تستفيد هي وحدها منه فيما يخسر عبد المهدي ثقة الشعب بقدراته وتتعمق مسؤوليته عن مايجري من احداث وماتفقده من مقدرات.
د. علي شمخي