أحد كهان اليمن يفصل
في أمر هند بنت عتبة
كان الفاكه بن المغيرة المخزومي أحد فتيان قريش وكان قد تزوج هند بن عتبة وكان له بيت للضيافة يغشاه الناس فيه بلا إذن فقال يوما في ذلك البيت وهند معه ثم خرج عنها وتركها نائمة فجاء بعض من كان يغشى البيت فلما وجد المرأة نائمة ولى عنها فاستقبله الفاكه بن المغيرة فدخل على هند وأنبها وقال من هذا الخارج من عندك قالت والله ما انتبهت حتى أنبهتني وما رأيت أحدا قط قال الحقي بأبيك وخاض الناس في أمرهم فقال لها أبوها يا بنية العار وإن كان كذبا بثيني شأنك فإن كان الرجل صادقا دسست عليه من يقتله فيقطع عنك العار وإن كان كاذبا حاكمته إلى بعض كهان اليمن قالت والله يا أبت إنه لكاذب فخرج عتبة فقال إنك رميت ابنتي بشيء عظيم فإما أن تبين ما قلت وإلا فحاكمني إلى بعض كهان اليمن قال ذلك لك فخرج الفاكه في جماعة من رجال قريش ونسوة من بني مخزم وخرج عتبة في رجال ونسوة من بني عبد مناف فلما شارفوا بلاد الكاهن تغير وجه هند وكسف بالها فقال لها أبوها أي بنية ألا كان هذا قبل أن يشتهر في الناس خروجنا قالت يا أبت والله ما ذلك لمكروه قبلي ولكنكم تأتون بشرا يخطئ ويصيب ولعله أن يسمني بسمة تبقى على ألسنة العرب فقال لها أبوها صدقت ولكني سأخبره لك فصفر بفرسه فلما أدلى عمد إلى حبة بر فأدخلها في إحليله ثم أوكى عليها وسار فلما نزلوا على الكاهن أكرمهم ونحر لهم فقال له عتبة إنا أتيناك في أمر وقد خبأنا لك خبيئة فما هي قال برة في
كمرة قال أريد أبين من هذا قال حبة بر في إحليل مهر قال صدقت فانظر في أمر هؤلاء النسوة فجعل يمسح رأس كل واحدة منهن ويقول قومي لشأنك حتى إذا بلغ إلى هند مسح يده على رأسها وقال انهضي غير رقحاء ولا زانية وستلدين ملكا يسمى معاوية فلما خرجت أخذ الفاكه بيدها فنثرت يده من يدها وقالت إليك عنى والله لأحرصن أن يكون ذلك الولد من غيرك فتزوجها أبو سفيان فولدت له معاوية.
خمسة نفر من طيئ يمتحنون
سواد بن قارب الدوسي
خرج خمسة نفر من طيئ من ذوي الحجا والرأي منهم برج بن مسهر وهو أحد المعمرين وأنيف بن حارثة بن لأم وعبد الله بن سعد بن الحشرج أبو حاتم طييء وعارف الشاعر ومرة بن عبد رضى يريدون سواد بن قارب الدوسي ليمتحنوا علمه فلما قربوا من السراة قالوا ليخبأ كل رجل منا خبيئا ولا يخبر به صاحبه ليسأله عنه فإن أصاب عرفنا علمه وإن أخطأ ارتحلنا عنه فخبأ كل رجل منهم خبيئا ثم صاروا إليه فأهدوا له إبلا وطرفا من طرف الحيرة فضرب عليهم قبة ونحر لهم فلما مضت ثلاث دعا بهم فدخلوا عليه فتكلم برج وكان أسنهم فقال جادك السحاب وأمرع لك الجناب
وضفت عليك النعم الرغاب نحن أولو الآكال والحدائق والأغيال والنعم الجفال ونحن أصهار الأملاك وفرسان العراك يورى عنهم أنهم من بكر بن وائل فقال سواد والسماء والأرض والغمر والبرض والقرض والفرض إنكم لأهل الهضاب الشم والنخيل العم والصخور الصم من أجأ العيطاء وسلمى ذات الرقبة السطعاء قالوا إنا كذلك وقد خبأ لك كل رجل منا خبيئا لتخبرنا باسمه وخبيئه فقال لبرج أقسم بالضياء والحلك والنجوم والفلك والشروق والدلك لقد خبأت برثن فرخ في إعليط مرخ تحت آسرة الشرخ قال ما أخطأت شيئا فمن أنا قال أنت برج بن مسهر عصرة الممعر وثمال المحجر
ثم قام أنيف بن حارثة فقال ما خبييء وما اسمي فقال والسحاب والتراب والأصباب والأحداب والنعم والكثاب لقد خبأت قطامة فسيط وقذة مريط في مدرة من مدى مطيط قال ما أخطأت شيئا فمن أنا قال أنت أنيف قاري الضيف ومعمل السيف وخالط الشتاء بالصيف ثم قام عبد الله بن سعد فقال ما خبيئي وما اسمي فقال سواد أقسم بالسوام العازب والوقير الكارب والمجد الراكب والمشيح الحارب لقد خبأت نفاثة فنن في قطيع قد مرن أو أديم قد جرن قال ما أخطأت حرفا فمن أنا قال أنت ابن سعد النوال عطاؤك سجال وشرك عضال وعمدك طوال وبيتك لا ينال ثم قام عارف فقال ما خبيئى وما اسمي فقال سواد أقسم بنفنف اللوح
والماء المسفوح والفضاء المندوح لقد خبأت زمعة طلا أعفر في زعنفة أديم أحمر تحت حلس نضو أدبر قال ما أخطأت شيئا فمن أنا قال أنت عارف ذو اللسان العضب والقلب الندب والمضاء الغرب مناع السرب ومبيح النهب ثم قام مرة بن عبد رضى فقال ما خبيئي وما اسمي فقال سواد أقسم بالأرض والسماء والبروج والأنواء والظلمة والضياء لقد خبأت دمة في رمة تحت مشيط لمة قال ما أخطأت شيئا فمن أنا قال أنت مرة السريع الكرة البطئ الفرة الشديد المرة قالوا فأخبرنا بما رأينا في طريقنا إليك فقال والناظر من حيث لا يرى والسامع قبل أن يناجى والعالم بما لا يدري لقد عنت لكم عقاب عجزاء في شغانيب دوحة جرداء تحمل جدلا فتماريتم إما يدا وإما رجلا فقالوا كذلك ثم مه قال سنح لكم قبل طلوع الشرق سيد أمق
على ماء طرق قالوا ثم ماذا قال ثم تيس أفرق سند في أبرق فرماه الغلام الأزرق فأصاب بين الوابلة والمرفق قالوا صدقت وأنت أعلم من تحمل الأرض ثم ارتحلوا عنه.