لا أحد خارج الورطة السياسية التي تدور فيها اللحظة التاريخية العراقية.
ولم تَعُدْ دموع زعامات ونواب دولة الفساد والمحاصصة «على المصلحة العامة» تكسب عطف أحد، أو موضع تصديق: «ألمْ يأت إخوة يوسف أباهم عشاء يبكون؟ وجاءوا على قميصه بدم كاذب».
الحلول السليمة، خرجت من يد قوى السلطة وناهبي المال العام، ففي ايديهم الآن حلان باطلان، اولهما ترويض حركة الاحتجاج بالاعلان الزائف عن التعاطف معها وتبني مطالبها، وحل تفصيلي آخر، مبيّت، يتمثل باستعمال القوة وسفك الدم لقهر ارادة التغيير التي دخلت في عداد الارادات التاريخية التي لا تُقهر على الرغم من عدم تكامل لوازمها الموضوعية.
اما استباق المواجهة الشاملة بالدخول في شجاعة الحساب، والاعتراف بالفشل والعجز، الفئوي والجمعي، ثم الاستقالة ووضع النفس تحت عدالة القضاء عما ارتكبته من اعمال نهب ومخالفات وتعديات فان القوى المتنفذة «الحاكمة» اسقطت هذا الخيار ومرغته بدماء ابناء الشعب في صور لا مثيل لها من البشاعة وقلة احتساب النتائج، وذلك بعد ان استنفدت الفرص الذهبية التي اتيحت لها للمراجعة.
وبوجيز الكلام، فان القابضين على اقدار البلاد غير مؤهلين (في منظوراتهم وادواتهم وارتباطاتهم) لولوج معابر الحلول السلمية، إذْ انغلقت تلك المعابر على ايديهم وضاقت الفروض لانهاء انعدام الثقة، وذلك قبل أن يحل موعد الرحيل.. «يوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار» والحال فان أولئك الذين فرطوا بالفرص الذهبية التي انفتحت امامهم، وجدوا انفسهم في خيبة واضطراب وحرج هي عناوين الورطة، وكابوس الحساب: فهذا لك، وهذا عليك.
ان ساعة التغيير لا مفر منها، فهي تحلّ عندما يكف القابضون على مصائرنا عن مزاولة اللف والدوران، وعندما تحل تلك الساعة سيظهر حجم المسكوت عنه من البشاعات والاهوال ومفاتيح خزائن المنهوبات واسماء اولئك الذين قادوا البلد الى المذابح والتجويع واستباحوا الكرامات .. «فاذا جاء اجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون».
بعد هذا فان ساعة التغيير غير «ساعة الصفر».. الاولى، تراكمية والثانية انقلابية.. الاولى للسلام المؤجل، والثانية للحريق المعجل.. الاولى لاعادة انارة الزوايا المعتمة بما مضى، والثانية الى اضرام النيران والكراهيات في كل الزوايا..
وعندما تفلت المعادلات من عقالها لا يبقى وقت للندم وعض الاصابع.
ديفيد سارنوف- رجل اعمال اميركي:
«المنافسة تؤدي إلى أفضل المنتجات وأسوأ الأشخاص».
عبدالمنعم الأعسم