يشهد عصرنا الحالي ثورة هائلة في التعاملات التجارية التقليدية والالكترونية وصاحب هذا التطور ظهور مؤسسات مصرفية ومالية تعتمد على هذه التقنيات لما تتميز بها من سهولة الحصول على الخدمات دون أي عناء بالإضافة إلى السرعة في انجاز التعاملات المالية مع حماية أمنية تضمن للمستهلك والتاجر حقهم وللمصرف النسبة المحددة ولذلك تعددت وسائل الدفع وفق المتطلبات المقصودة.
ومن تلك الوسائل بطاقة السحب المصرفية وبطاقة الوفاء والبطاقة الذكية وغيرها وكذلك البطاقة الائتمانية التي تتميز بانتشارها الواسع بحيث أصبحت من الأنشطة الأساسية المتوفرة في اغلب المؤسسات المصرفية وخصوصا في قضايا دفع الرواتب التقاعدية ورواتب الموظفين ولتعامل الإفراد بها لشراء احتياجاتهم من السلع والخدمات وسحب مبلغ نقدي دون الحاجة إلى حمل نقود معهم وتمثل وسيلة سهلة للحصول على ائتمان قصير الأجل له وتتميز بطاقة الائتمان بخصائص تجعلها مستقلة عن وسائل الوفاء التقليدية فطبيعتها القانونية والوظيفة التي تقوم بها تجعلها تأخذ مكانتها بين وسائل الوفاء الحديثة وتستعمل بطاقة الائتمان على المستوى الدولي رغم اختلاف العملات.
ولم يضع المشرع العراقي تعريفا لبطاقة الائتمان سواء في القانون المدني العراق أو قانون التجارة العراقي ونظرا لانتشار بطاقة الائتمان وكثرة استعمالها أصبحت عرضة لاعتداءات كثيرة سواء من قبل حاملها بالإخلال بالالتزامات التعاقدية أو الإساءة من طرف الغير كسرقتها مثلا، وبما ان التعامل ببطاقة الائتمان قام بشكل أساسي على نظام تعاقدي ينشأ بين أطرافه (الجهة المصدرة ، حامل البطاقة ، التاجر) علاقات تعاقدية ويرتب التزامات محددة في ذمة كل طرف في مواجهة الطرف الآخر المتعاقد معه واذا اخل احد الأطراف بالتزاماته تقوم عليه مسؤولية مدنية واذا وقعت البطاقة في يد شخص غير حاملها الشرعي وكانت البطاقة مسروقة أو ضائعة وتم استخدامها وتسبب الغير بالضرر لحاملها الشرعي يكون مسؤولا على أساس المسؤولية التقصيرية ولا تقوم المسؤولية العقدية لان الغير أجنبي عن العقد المبرم بين أطراف بطاقة الائتمان وكل خطا يسبب ضررا للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض وفقا للقواعد العامة في القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951.
وبتزايد استعمال بطاقة الائتمان خاصة في المجال التجاري لسهولة تسوية المعاملات فقد تنهض المسؤولية الجزائية حيث تتم مساءلة حامل البطاقة جزائيا في حالة الاستخدام غير المشروع للبطاقة خلال فترة صلاحيتها من خلال الوفاء بقيمة البضائع أو الخدمات رغم عدم وجود الرصيد الكافي والسحب من جهاز توزيع العملة مع علمه بعدم وجود رصيد كاف له والاستخدام غير المشروع للبطاقة بعد انتهاء مدة صلاحيتها واستخدام بطاقة ملغاة وجريمة تزوير بطاقة الائتمان وجريمة استعمال البطاقة المزورة وجريمة سرقة البطاقة.
وان انتشار بطاقات الائتمان بشكل واسع نظرا لما توفره من الأمان والسرعة والسهولة في التعامل وتمكن حاملها من الحصول على العديد من الخدمات المالية يتطلب تحديد العلاقة القانونية لبطاقة الائتمان وتحديد النظام القانوني التي تخضع له وان التعامل ببطاقة الائتمان يتم في وسط غير مادي لذلك يتضمن الاستعمال غير المشروع لها أساليب ومفاهيم جديدة تتطلب قواعد خاصة تتناسب مع هذه البيئة لاسيما في ظل عدم وجود تشريع قانوني في النظام القانوني العراقي خاصة بهذه الوسيلة الجديدة في الدفع ينظم عملية إصدارها ويحكم العلاقات الناتجة عن استعمالها بما يضمن سلامة استقرارها.
القاضي كاظم عبد جاسم الزيدي