إذا كانت وظيفة عضو مجلس النواب، هي مراقبة عمل السلطة التنفيذية وتشريع القوانين، فإن وظيفة الناخب/ المواطن هو مراقبة عضو المجلس، وبيان مدى قيامه بواجباته التشريعية والرقابية ومتابعة شؤون ناخبيه وجمهوره، وهذا لا يمكن أن يتم إلا من خلال اعتماد مبدأ الشفافية في العمل البرلماني، والشفافية لا تكون إلا من خلال إتاحة نشاطات المجلس على وسائل الاعلام، أهم تلك النشاطات هي جلسات مجلس النواب، حيث أن المواطن العراقي، اعتاد في الدورات السابقة على نقل وقائع جلسات مجلس النواب عبر وسائل الاعلام، فكان يرى من يحضر ومن لا يحضر، من الذي يتحدث ومن الذي لا يتحدث، كان يراقب سلوك النائب عن كثب، ويعرف ما يدور داخل قبة البرلمان، فيؤسس موقفه السياسي من الكتل السياسية أو من النائب. لكن في هذه الدورة، اختفى دور الاعلام، فلم تعد جلسات المجلس تنقل عبر القناة الرسمية ولا غير الرسمية، وبقي المتابع يسمع اخبار البرلمان واخبار الجلسات من خلال وسائل الاعلام والمواقع الالكترونية التي تنقل الأخبار بشكل آنٍ. الجانب الآخر والذي لا يقل أهمية عن نقل جلسات المجلس عبر وسائل الاعلام، هو عدم وجود إرادة حقيقية لدى رئاسة المجلس، لنشر أسماء النواب الذين يتغيبون عن جلسات المجلس، صحيح، أن النظام الداخلي لمجلس النواب وقانون مجلس النواب وتشكيلاته، لم ينص بشكل صريح على إلزام رئاسة المجلس بنشر أسماء المتغيبين، لكننا نجد أن نص المادة 18 من النظام الداخلي، تشير الى ضرورة نشر أسماء الحضور والغياب في نشرة المجلس الاعتيادية وإحدى الصحف، لكن هذه المادة لا تجد من يطبقها على أرض الواقع، خصوصا وان تبعات الحضور والغياب أصلا لم تفعّل، بمعنى ان القانون والنظام الداخلي، تركا أمر محاسبة النائب الى السلطة التقديرية لرئاسة البرلمان، بل لمزاج الرئاسة في إقالة النائب الذي لا يلتزم بالحضور والغياب، ويمتنع عن حضور جلسات مجلس النواب. هنا ونتيجة لغياب الشفافية وعدم إطلاع الناخبين او الجمهور على أداء النواب ومدى حضورهم جلسات المجلس، فإن هذا يؤدي الى غياب الرؤية الواضحة لدى الناخبين، كما يسهم في عدم التزام النائب بالحضور وتنفيذ واجباته التشريعية والرقابية، كون انه يعلم ان حضوره أو عدم حضوره لا يترك أثرا قانونيا ولا يحاسبه أحد عليه. إن على رئاسة مجلس النواب مسؤولية كبيرة في نشر جلسات مجلس النواب، ونشر أسماء النواب المتغيبين والحاضرين، إذ أن منع وسائل الاعلام من تأدية دورها في نقل وقائع جلسات المجلس وعدم تطبيق قانون مجلس النواب والنظام الداخلي، يسهم بتشويه صورة المجلس. ويؤسس لعرف برلماني يتمثل بجعل العمل داخل مجلس النواب يمتاز بالغموض وعدم الوضوح، فمنع الاعلام من نقل ما يحدث داخل أورقة المجلس هو محاولة لتحجيم دور البرلمان في الحياة العامة وإبعاده عن المجتمع.
سلام مكي