اتعصب لحد الهستيريا ، إذا كانت هناك مباراة تجمع منتخبنا الوطني ومنتخب آخر ، ومادام أوصلتني هذه الهستيريا الى درجة تحطيم الأطباق ، عندما يتأخر المنتخب ، بهدف او يخسر احدى مبارياته ، لاسيما في بطولات الخليج ، التي كان فيها المنتخب العراقي يتسيد الساحة، وكان لا يرضى ، وهو يواجه فرقا مثل عمان والبحرين والإمارات ، بِغلّةٍ لا تقل عن نصف دزينة من الأهداف ، وربما كان المنتخبان الكويتي والسعودي ، هما الأكثر ندية ، ومع ذلك كانت كفة اللقاءات تميل لصالح العراق ، والحال لا يختلف كثيرا عن وضع المنتخب العراقي ضمن القارة الصفراء ، فان اغلب فرق قارة اسيا كانت تتهيب مواجهة منتخبنا الوطني لأنها تأتي وهي متيقنة من الهزيمة على أيدي اسود الرافدين..
ولكن … مرت الايام ودارت السنين ، لنجد الكرة العراقية ، وقد أفل نجمها ، وخبا بريقها ، فباستثناء ما تحقق في بطولة اسيا ، عام ٢٠٠٧ ، بقي العراق بعيدا عن نيل الألقاب القارية و الإقليمية ، فضلا عن غيابه الكامل عن المونديال العالمي منذ عام ١٩٨٦ ، وقطعا ان هذا الغياب والتراجع للكرة العراقية كان نتاج ظروف قاهرة ، منها حرمان منتخباتنا من اللعب في ارضها وبين جمهورها بسبب الحظر الدولي المفروض على العراق منذ تسعينيات القرن الماضي ، وقد شهدت السنوات الماضية ، بعد عام ٢٠٠٣ الكثير من المحاولات لرفع الحظر ، وعلى الرغم من ان تلك المحاولات لم تفلح في تحطيم القيود ، ولكنها أسهمت في ترخية الحبال وترطيب الأجواء ، حتى جاءت بطولة غرب القارة الاسيوية التي أقيمت في ملاعب كربلاء واربيل خلال شهري تموز وآب ، ليثبت العراق خلالها ، انه يمتلك القدرة على التنظيم ، وان الوضع العام في البلد اضحى مستقرا ، وليس ثمة مايثير مخاوف الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) ، الذي وجد في تنظيم بطولة غرب اسيا ، فرصة مناسبة، بعد ان لم يجد أي تبرير لاستمرار حرمان الكرة العراقية من الدوران فوق أديم ارضها ، ليعلن عن سماحه ، ولأول مرة ، بخوض منتخبنا الوطني لكرة القدم مباريات تصفيات اسيا التي ستقام في الصين عام ٢٠٢٣ ، وتصفيات المونديال العالمي التي ستنظمها الدوحة عام ٢٠٢٤ ، في ارضه ، وتحديدا في المدينة الرياضية بالبصرة ، وهو قرار ما كان له ان يصدر ، لولا القتال والجهود الكبيرة المبذولة من قبل الجميع ، ولا شك ان قرار الفيفا ، هذا يمثل اشراقة حقيقية ، وانتقالة مهمة في واقع كرة القدم العراقية .. صحيح ان الحدث ، مر مرورا عابرا ، ولم يحظ بذلك الاهتمام الذي ينبغي ، ولو كان حدثا سلبيا ، لعزف عليه الكثيرون !! ، الا ان المهم في هذا ، هو ، هل اننا سنكون بمستوى الحدث ؟ ، لان نجاحنا في هذا الاختبار ، هو المفتاح نحو عودة الكرة العراقية بكامل بهائها ، الى ارضها بعد فراق طويل ، والنجاح هنا ينبغي ان يكون في جميع الأصعدة ،اداريا ، وتنظيميا واعلاميا وجماهيريا ، ولعبا ونتيجة ، لذلك نقول ، ان البصرة موعدنا ، لنثبت للعالم اننا قادرون ، وان هذا العالم قد ظلمنا كثيرا ..أليس كذلك ؟
عبدالزهرة محمد الهنداوي