بعد أسبوع على تنصيب المجلس السيادي الذي تشكل بعد أشهر
متابعة ـ الصباح الجديد :
يستعد السودان للإعلان عن تشكيلة الحكومة الأولى بعد سقوط الرئيس عمر البشير الذي حكم البلاد لمدة ثلاثين عاما، وستكون أمام تحديات كبرى تتعلق بإنعاش اقتصاد منهار وإنهاء نزاعات داخلية.
ويأتي ذلك بعد أسبوع على تنصيب المجلس السيادي الذي تشكل بعد أشهر من حركة احتجاجية غير مسبوقة ونتيجة مفاوضات شاقة وبعد توترات واضطرابات أوقعت العديد من القتلى والجرحى.
وبموجب برنامج زمني اتفقت عليه أطراف الاتفاق التاريخي الموقع بين المجلس العسكري والحركة الاحتجاجية في 17 آب حول الانتقال في السودان بعد ثلاثة عقود من الحكم العسكري، واعلن تشكيلة الحكومة امس الأربعاء.
ويفترض أن يختار رئيس الوزراء عبد الله حمدوك الذي سماه المجلس السيادي في 21 آب ، أعضاء حكومته من الأسماء التي اقترحتها قوى الحرية والتغيير، رأس حربة الحركة الاحتجاجية.
وقال حمدوك «تسلمت امس الاول الثلاثاء أسماء المرشحين المقترحين من قوى الحرية والتغيير»، موضحا أن لديه 49 اسما ل14 وزارة. وأكد تمسكه «بتمثيل عادل للنساء».
ويقود المجلس السيادي عسكري، ويتوزع أعضاؤه بين ستة مدنيين وخمسة عسكريين، ويفترض أن يحكم لثلاث سنوات ونيف في مرحلة انتقالية يفترض أن تؤدي الى سلطة مدنية منتخبة.
وأكد حمدوك السبت إنه سيختار للحكومة أعضاء من التكنوقراط حسب «كفاءاتهم». وقال «نريد فريقا متجانسا على مستوى التحديات».
ويفترض أن تتألف الحكومة من عشرين عضوا على الأكثر يختارهم حمدوك، باستثناء وزيري الداخلية والدفاع اللذين سيعينهما العسكريون في المجلس السيادي.
«سلام دائم»
ويقول المحلل السوداني عثمان الميرغني، رئيس تحرير صحيفة «التيار» المستقلة، إن «الحكومة ستتمتع بدعم شعبي كبير».
ويضيف أن على الحكومة أن تركز على التوصل إلى اتفاقات سلام مع المجموعات المتمردة في المناطق التي تشهد نزاعات، وخصوصا تلك التي رفضت الاتفاق الانتقالي.
ويتضمن هذا الاتفاق الموقع من قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري الذي تولى السلطة بعد إقالة البشير وتوقيفه في 11 نيسان ، الخطوط العريضة للمرحلة الانتقالية ويؤكد ضرورة التوصل إلى سلام مع المتمردين خلال ستة أشهر. وقاتلت مجموعات متمردة عدة في ولايات مهمشة وخصوصا دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، قوات عمر البشير لسنوات.
وقتل مئات الآلاف من الأشخاص في النزاعات الثلاثة ونزح ملايين. وما زال مئات الآلاف من هؤلاء يعيشون في مخيمات. وتراجعت حدة نزاع دارفور الذي اندلع في 2003 لكن المتمردين ما زالوا ناشطين في مناطق أخرى.
تفاؤل حذر
التحدي الآخر الذي ستواجهه الحكومة هو الاقتصاد الذي انهار منذ انفصال الجنوب في 2011 ما أدّى إلى حرمان الشمال من ثلاثة أرباع احتياطاته النفطية.
وأدى عقدان من العقوبات الأميركية بسبب انتهاكات لحقوق الإنسان التي رفعت في 2017 إلى تفاقم الوضع، ويواجه البلد تضخما متزايدا ونقصا حادا في المواد الأساسية وكذلك في القطع الأجنبي.
وكان الوضع الاقتصادي السبب الرئيسي لبدء التظاهرات في كانون الأول 2018 بعد قرار الحكومة رفع أسعار الخبز ثلاثة أضعاف.
وتحولت التظاهرات بسرعة إلى حركة احتجاج ضد البشير. وخلال الأشهر الثمانية لهذه التظاهرات قتل أكثر من 250 شخصا في عمليات قمع واستخدام القوة، حسب لجنة الأطباء المركزية القريبة من المحتجين.
وبقيت الاستثمارات الأجنبية ضعيفة بسبب إبقاء السودان على اللائحة السوداء للدول المتهمة بدعم الإرهاب. لكن حمدوك قال إن مناقشات تجري مع مسؤولين أميركيين لمعالجة الوضع.
وقال محمد أمين (32 عاما) الموظف في شركة خاصة «إنني أكثر تفاؤلا منذ أن قال رئيس الوزراء إنه سيختار وزراءه حسب كفاءاتهم». وأضاف «سيتم امتحانهم عندما يعالجون هذه التحديات».
ورأى المزارع محمد بابكر (65 عاما) أن إنعاش الاقتصاد سيكون مرتبطا بقدرة الحكومة على الاستفادة من موارد البلاد وخصوصا الزراعة.