بعد أن شاهد الجمهور العراقي أول عرض للالعاب الخيالية في دار الشفاء في الكرخ ، بدأ البعض بالاهتمام والتفكير في بناء دور للعرض السينمائي في العراق، تضاهي ماموجود منها في دول العالم الاخرى، البعض من هؤلاء ساهموا مساهمة فاعلة في تطور السينما العراقية والتاسيس لبنى تحتية لها ، حتى وصل عدد دور العرض السينمائي في العام 1947 الى 71 دار عرض في وقت كان نفوس العراق لايتعدى الخمسة ملايين نسمة كما يذكر ذلك «جورج سادول « في كتابه تاريخ السينما العالمية ، أي بتردد من خمسة الى أربعة تذاكر للفرد الواحد سنويا، أحد الذين أهتموا بالامر وكان الابرز في حينها هو السيد حبيب الملاك، واحد من أكبر مالكي دورالعرض السينمائي في العراق، هذا الرجل ساهم ولعقود عدة مساهمة فاعلة في تطور السينما العراقي، فقد كان يتوفر على ذائقة فنية عالية لذلك فقد وفر فرصة أن يطلع المشاهد العراقي على افضل الافلام العالمية من خلال استيراده لأخر نتاجات السينما العربية والعالمية، وكان يؤمن بان السينما هي صناعة وفن، لذلك فقد بنى خمس وثلاثين دارا للعرض السينمائي في عموم محافظات العراق واقضيته ونواحيه، حتى أنه بنى دار للعرض السينمائي في كل من جلولاء والحبانية ، وكانت تربطه بالفنانين السينمائين العرب علاقات وثيقة، وقد أطلعت على العديد من الصور التي وثقت تلك العلاقة في مكتبة ابنه السيد عدنان الملاك في الصرافية، كذلك فانه كان يحضر تصوير العديد من الافلام العربية الامر الذي يوفر له فرصة التعاقد على استيرادها قبل غيره فيما لو أعجبته قصة الفيلم وأداء الممثلين .
الذي دفعني للكتابة عن السيد الملاك هي الدعوات الكثيرة التي تطلق من أجل مساهمة القطاع الخاص في الاستثمار في حقل السينما، بعد تردي واقع دور العرض السينمائي العراقي وأغلاق معظمها وتحول الكثير منها الى محال تجارية، دون ان يثير ذلك أهتمام الجهات المعنية سوى مناشدات فقيرة من هنا وهناك، والسؤال هو ماهي ضمانات نجاح الاستثمار في هذا الحقل والى أي مدى تسهم الدولة في مثل هكذا ضمانة، فالسينما كما يقال صناعة وفن، صناعة تخضع لمبدأ الربح والخسارة من خلال حسابات السوق ودلالة شباك التذاكر، كذلك فأن الامر يتطلب وضع دراسات تبين مدى إمكانية نجاح أو فشل مثل هكذا أستثمار ، فلم تعد دور العرض السينمائي مجرد بناية تحوي قاعة العرض وصالة صغيرة مرفقة ، دور العرض التي تبنى الان وفي مختلف دول العالم تحوي على العديد من المرافق الاخرى ، كازينوهات ، صالات للألعاب الرياضية وغيرها .
وبالتأكيد هناك الكثير من أمثال السيد حبيب الملاك الذين يملكون المال والذائقة الفنية وباستطاعتهم ان يسهموا في بناء العشرات من دور العرض السينمائي ولكن بشرط توفر ما يضمن نجاح استثمارهم، ونحن بانتظار مستثمرين يزينوا بغداد وباقي مدن العراق بدور عرض سينمائي تسهم في نشر الوعي والثقافة من خلال العديد من الافلام التي تعرض فيها.
كاظم مرشد السلوم