جنرال إلكتريك تتجه للفوز بعقود كبيرة للكهرباء في البلاد
بغداد ـ الصباح الجديد:
مددت الولايات المتحدة إعفاء العراق للمرة الثالثة من العقوبات التي فرضتها على ايران، وبما يتيح له استيراد الكهرباء والغاز لمدة تسعين يوم أخرى، وفيما تتجه شركة جنرال إلكتريك الأميركية إلى الفوز بحصة كبيرة من عقود بمليارات الدولارات لإعادة بناء شبكة الكهرباء في البلاد، أوردت وكالة فرانس برس، ان مسؤولا حكوميا عراقيا رفيعا وقريب على المفاوضات قال لها إن “العراق ضمن تمديداً جديداً لمدة 90 يوماً لاستيراد الطاقة الايرانية بعد مفاوضات طويلة مع الولايات المتحدة حتى الأيام الاخيرة قبل انتهاء مهلة الاعفاء”، في حين أوردت أفادت الجزيرة على موقعها الالكتروني ان مراسلها ابلغها عن مصادر في الرئاسة العراقية أن واشنطن وافقت على تمديد استثناء العراق من العقوبات المفروضة على إيران والسماح له باستيراد الطاقة الإيرانية، وأن السماح جاء خلال المكالمة الهاتفية التي أجراها رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي مع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو والتي أعلن عنها يوم أمس الأول الجمعة.
وأوضحت المصادر أن الولايات المتحدة تتفهم الحاجة العراقية لاستمرار استيراد هذه المواد من إيران ولا تريد وضع حكومة بغداد في موقف محرج خاصة وأن العراق لا يمتلك حاليا أي خيارات أخرى
ياتي هذا بعد تصاعد الازمة بين واشنطن وطهران في الخليج وكلاهما تقيم معهما بغداد علاقات قوية.
والاعفاء يعد أمرا حيويا بالنسبة للعراق الذي يقع في منطقة حرارية ساخنة وإذ تتجاوز درجات الحرارة هذا العام المعدلات الموسمية بكثير، ما يزيد استهلاك الكهرباء مع الخشية من تجدد التظاهرات المنددة بنقص الخدمات العامة والتي تنطلق في بداية الصيف.
وكانت أعادت واشنطن فرض عقوبات على قطاع الطاقة الإيراني في تشرين الثاني بعد انسحابها من الاتفاق النووي الموقع بين الدول العظمى وطهران في 2018.
ويعد نقص الطاقة الذي غالبا ما يترك المنازل بلا كهرباء لمدة تصل إلى 20 ساعة يومياً، عاملا رئيسا وراء أسابيع من الاحتجاجات الكبيرة في العراق خلال الصيف.
وللتغلب على هذا النقص، يستورد العراق ما يصل إلى 28 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي من طهران لمصانعه، كما يشتري بشكل مباشر 1300 ميغاواط من الكهرباء الإيرانية.
وهذا الاعتماد غير مريح بالنسبة للولايات المتحدة التي سعت لتقليص نفوذ طهران وإعادة فرض العقوبات على المؤسسات المالية الإيرانية وخطوط الشحن وقطاع الطاقة والمنتجات النفطية.
وفي السياق، قالت مصادر مطلعة إن شركة جنرال إلكتريك تتجه فيما يبدو إلى الفوز بحصة كبيرة من عقود بمليارات الدولارات لإعادة بناء شبكة الكهرباء في العراق، وهو ما يعكس تغيرا في الطريقة التي يعتزم بها العراق منح العقود بعد أن مارست الولايات المتحدة ضغوطا لصالح الشركة الأميركية.
وفي تشرين الأول الماضي، وقع العراق اتفاقات ”خارطة طريق“ لمدة خمسة أعوام مع جنرال إلكتريك وسيمنس تخطط بموجبها بغداد لإنفاق نحو 14 مليار دولار على إنشاء محطات جديدة وأعمال صيانة وإصلاح وخطوط للكهرباء، ثم شراء معدات تمكنها من تجميع الغاز الطبيعي الذي يجري حرقه حاليا واستغلاله.
وعندما منح العراق شركة سيمنس عقودا في نيسان الماضي، قال رئيس الوزراء عادل عبد المهدي إن الشركة الألمانية في وضع يؤهلها للفوز بمعظم العقود المستقبلية.
لكن مصادر على اتصال بالأطراف الثلاثة قالت لرويترز إن العراق طلب تحت ضغوط أميركية من جنرال إلكتريك وسيمنس الدخول في مناقصات على العقود، ومن المتوقع أن تمنح بغداد عقودا للشركتين كلتيهما.
وقال مسؤول بوزارة الكهرباء على علم بأنشطة جنرال إلكتريك وسيمنس في العراق لرويترز: ”الضغوط السياسية على الحكومة العراقية…دفعت حكومة (رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي) إلى تغيير خططها والسماح لجنرال إلكتريك بالانضمام إلى العملية“.
وتابع المسؤول قائلا ”كان من الواضح بالنسبة لنا أن الحكومة الأميركية لم تكن سعيدة بأن تستحوذ سيمنس على هذه الصفقة الضخمة وحدها من دون أي فرصة لجنرال إلكتريك… والمحادثات جارية الآن لاتخاذ قرار بشأن العقود المتوسطة والطويلة الأجل، والتي نتوقع تقسيمها بينهما“.
وأكد مسؤول بوزارة الخارجية الأميركية أن الولايات المتحدة ضغطت على العراق لصالح جنرال إلكتريك. وقال المسؤول ”استغلال القدرات الابتكارية لشركات أميركية مثل جنرال إلكتريك هو عنصر أساسي في استراتيجيتنا لتوسيع الروابط الاقتصادية وزيادة الاستثمارات الأجنبية للمساعدة في إعادة بناء العراق“.
وقالت المصادر، التي تحدثت شريطة عدم الكشف عن هويتها، إن العراق سيمنح العقود في ثلاث مراحل على مدار السنوات الأربع المقبلة.
ووفقا لمصادر مطلعة، وقعت جنرال إلكتريك منذ تشرين الأول اتفاقات لتطوير وصيانة وإعادة بناء منشآت لزيادة طاقة توليد الكهرباء بمقدار 5000 ميجاوات. وقالت المصادر إن الشركة التي مقرها بوسطن تم إشراكها أيضا كجزء من خارطة طريق أكتوبر تشرين الأول لبناء محطتين لتوليد الكهرباء قدرة كل منهما 750 ميجاوات.
وقال متحدث باسم جنرال الكتريك ”العراق وجنرال إلكتريك في مناقشات ايجابية لتعزيز قطاع الكهرباء في البلاد“. وقالت جنرال إلكتريك الشهر الماضي إن تربينا بقدرة 125 ميجاوات من صنع الشركة بدأ تشغيله في محطة القدس لتوليد الطاقة في العراق.
ومن جانبها قالت سيمنس انها اتخذت ”خطوة أولى كبيرة باتجاه التنفيذ الفعلي لخارطة الطريق“ عندما وقعت اتفاقية مع العراق في الثلاثين من نيسان تحدد المشاريع والميزانيات والأطر الزمنية. وتتضمن تلك الاتفاقية ثلاثة عقود قيمتها نحو 700 مليون يورو لبناء محطة جديدة لتوليد الكهرباء بقدرة 500 ميغاوات وتطوير 40 تربينا تعمل بالغاز وانشاء محطات فرعية جديدة.
والعراق هو أحد النقاط القليلة المشرقة في سوق عالمية منكمشة لمحطات ومعدات الطاقة التي تعمل بالوقود الأحفوري. وقالت وكالة الطاقة الدولية في نيسان إن حاجات البلاد من الكهرباء عند الذروة تتجاوز قدراتها للتوليد بنسبة الثلث، ومن المتوقع أن تتسع الفجوة مع نمو اقتصاد العراق.