-1-
في غمرة المسيرة الحياتية، وقسوةِ ما تحفل به من حوادث وأعباء وانشغالات، ربما تعتري الانسان حالات من الغفلة والنسيان لحقائق مهمة لها ثقلها في الميزان .
-2-
والائمة الهداة من اهل البيت (عليهم السلام)، حريصون على اذكاء الوعي في الامة، وايقاظ الناس من دياجير الغفلة والنسيان، وإثارة انتباههم ازاء مسؤولياتهم الكبرى الملقاة على عاتقهم وهم عنها معرضون …
ولا يستغني عن الموعظة أحد
وما أحوجنا الى تلك المواعظ البليغة، التي تستهدف بناء الانسان، والمجتمع السعيد ، والأمة القويّة التي تحتل مكانها العالي تحت الشمس…
-3-
جاء في الحديث عن الامام الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)
{ مالكم تسؤون رسول الله (ص) ؟
فقال له رجل : كيف نسوؤه ؟
فقال :أما تعلمون أنَّ اعمالكم تُعرض عليه ، فاذا رأى فيها معصيةً سَاءَهُ ذلك فلا تَسؤوا رسول الله (ص) وسُرّوه }
أقول :
عرض الاعمال على رسول الله (ص) يستفاد بكل وضوح من قوله تعالى:
{ وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسولُه والمؤمنون }
-4-
من منّا وضع نصب عينيه أنَّ أعماله كلها، وبكل ما فيها من مفارقات ، وتجاوزات على الموازين – تُعرض على الرسول الكريم (ص) فيراها بأْمّ عينيه ؟
اننا نشعر بالحرج من القيام ببعض الأعمال أمام أبائناوكبارنا فكيف اذا كانت أمام مرآى الرسول (ص) ؟!
-5-
من الصعب يقينا أنْ يُقدم المؤمن على اجتراح المعاصي والمنكرات ، وهو في حالة استذكار كامل لحقيقة أنها تعرض على الرسول (ص) ويراها بأمّ عينيه ؟
انّ معظم الناس يتحرجون من مخالفة القانون أمام هذا الشرطي أو ذاك ، فهل يتحرج الانسان المسلم من الشرطي ولا يتحرج من الرسول (ص)؟!
انها مسألة مرعبة
ماذا يقول من يُمعن بضرب زوجته ضرباً مبرحا والرسول (ص) يراه متلبسا بحالة الظلم والعدوان ؟!
وماذا يقولُ مختلسُ المال العام – وما أكثرهم في العراق الجديد –
والرسول (ص) يراه يمّد يده الى المال الحرام دون هوادة ؟!
-وماذا يقول الولد العاق لابويه والرسول (ص) يرى وقاحته ويسمع صوته النشاز ؟!
-وماذا يقول للرسول (ص) من اختص بكشف العيوب المستورة وابرازها للناس ليسيء الى فلان وفلان ولا يكف عن تجريحهم وتجريمهم ؟
-6-
يقول الشاعر :
ألا ليت شعري ما ترى رُوحُ أحمدٍ
اذا طالعتنا مِنْ علٍ وأطلتِ
اذن لقضتْ لا منهجُ الناس منهجي
ولا سنّةُ القومِ الأواخرِ سنتي
وقال الصافي النجفي :
(محمدُ) هل لهذا جئتَ تسعى
وهل لك ينتمي همل مشاعُ ؟
شرعتَ لهم طريقَ الحق لكنْ
أضاعوا مجدكَ السامي فضاعوا
-7-
ان استحضار هذا المشهد – مشهد رؤية الرسول (ص) لاعمالنا بكل ما تنطوي عليه – يكفي للردع عن الارتطام بالقبيح من الاعمال والأقوال فضلاً عن المحرم منهما .
ولكنْ :
اين هم المتذكرون ؟
حسين الصدر