في الذكرى السنوية الـ 121 لعيد الصحافة الكردية
السليمانية ـ عباس كاريزي:
احتفلت الصحافة الكردية امس الاثنين باضاءة الشمعة الحادية والعشرين بعد المئة لميلاد أول جريدة كردية هي صحيفة « كردستان «، التي اصدرها باللغة الكردية مقداد مدحت بدرخان في منفاه بالقاهرة في 22 من نيسان عام 1898، التي لعبت دورا مهما في توعية وتنوير وإيصال صوت القضية الكردية إلى العالم بنحو عام وإلى العرب بنحو خاص.
صحفيون واعلاميون عبروا عن املهم في ان تشهد الصحافة بالاقليم المزيد من التطور والنجاح بهذا المناسبة، فيما اشروا كثيرا من المعوقات التي يواجهونها في اثناء تأدية واجباتهم ومهامهم لايصال الحقيقة والمعلومة للناس، من دون وجود ضمانات وقوانين رادعة تمنع استمرار التجاوزات واعتداءات تمارس ضد الصحفي في كردستان والعراق على حد سواء.
الصباح الجديد استطلعت اراء عدد من الصحفيين بهذه المناسبة، الذين اتفقوا على ضرورة اقرار قوانين رادعة تمنع استمرار التجاوز والاعتداء على حقوقهم، ومنع المؤسسات من انتهاك الحقوق الوظيفية للصحفيين والاعلاميين.
هردي عمر رئيس تحرير صحيفة الامل قال، ان الصحافة الكردية خلال فترة 120 عاما التي مرت على تأسيسها مرت بمراحل متعددة وكانت الصحافة جزءا مهما في نقل المعاناة والمآسي التي مرت على شعب كردستان، لافتا الى ان الصحافة الكردية شهدت تطورا كبيرا على جميع المستويات بعد انتفاضة اذار 1991وشهد اقليم كردستان تعددية صحفية الى جانب التعددية السياسية.
بدوره اشار الصحفي محمد ازاد، الى ان اهم ما يميز الصحافة الكردية هو مهنيتها واستقلاليتها، وعدم انتمائها الحكومي الذي ساعد بنحو كبير على امتلاك هويتها الوطنية، مؤكدا ان الصحافة الكردية رسخت الصحافة وفنون الادب الكردي ووثقت الاسماء والقامات الثقافية، التي كان لها الاثر الكبير في ترجمة الهم الكردي وتقديمه الى العالم على وفق اليات ثقافية وفنية مقبولة.
واضاف، ان الصحافة الكردية جعلت العالم يتعاطف اكثر مع القضية الكردية، فضلاً عن انها تشكل عينا ثالثة وسلطة رابعة على ادارات ومفاصل الحكم والاطراف والقوى السياسية في الاقليم.
من جانبه قال سكرتير نقابة صحفيي كردستان مكتب السليمانية كاروان انور للصباح الجديد بمناسبة الذكرى السنوية لعيد الصحافة الكردية، ان النقابة تتابع عن كثب اوضاع الاعلام حاليا في خضم الصراعات السياسية، وتزاحم القنوات، واضاف انه وبعد مرور 120عاما على اصدار اول صحيفة كردية، ما زالت شريحة الصحفيين تمتاز بانها من افقر مكونات المجتمع، وما زالت وسائل الاعلام توظف مجهودات وامكانات الصحفيين لمصلحة اصحابها واجنداتها السياسية.
وسلط انور الضوء على جملة من التجاوزات والانتهاكات التي مورست وما زالت بحق الصحفيين، وقال « ما زالت خمس ملفات لاغتيال صحفيين مفتوحة ولم يتم حسمها وتقديم المتورطين الى القضاء لينالوا جزائهم العادل، بينما يتعرض الصحفيين الى الاضطهاد والعنف المفرط بأشكال ووسائل مختلفة، وتنتهك يوميا حقوقهم الوظيفية، بينما تسلب امتيازاتهم وتكون عقود العمل في مصلحة اصحاب المؤسسات الاعلامية.
وتابع « ان مسلسل منع الصحفيين من حقهم في الحصول على المعلومة والادلة ما زال مستمرا، بينما العلاقة بين الصحفي ورجل الامن ما زالت غير ودية، فضلاً عن تفشي المحسوبية والمنسوبية في اعتماد الصحفيين، وانعدام البيئة المناسبة لعمل المرأة الصحفية، وعدم وجود قانون يحدد عمل الصحفي ويضمن حقوقه، واردف» برغم وجود عدد هائل من وسائل الاعلام الا ان اغلبها يفتقر الى المهنية والتأثير الايجابي على المتلقين».
وطالب انور النقابة بإنهاء هيمنة الاحزاب وسيطرتها على سوق الاعلاميين، والعمل على سن قانون تقاعد الصحفيين، ودعا وسائل الاعلام الى الابتعاد عن التسقيط السياسي وشق الوحدة الوطنية خلال الصراعات والتناحر السياسي.
حكومة الاقليم بدورها طالبت الصحفيين ليكونوا الجسر الرابط بين المواطنين والحكومة.
من جانبه قال رئيس تحرير موقع شار بريس الالكتروني الصحفي كمال رؤف، ان واقع العمل الصحفي لا يختلف في كردستان عن الواقع العام السياسي والاجتماعي والفني والثقافي، السائد الان في ظل السلطات الحاكمة لهذا المجتمع.
واضاف، انه وعلى الرغم من ان العمل الصحفي شهد تطورا في بعض جوانبه خلال المرحلة السابقة، الا انه في اوجه اخرى شهدت تراجعا ملحوظا، نفتقد فيه الى بناء مؤسسات اعلامية مستقلة، وتسببت الازمات السياسية والاقتصادية في القضاء على دور ومكانة الصحافة المستقلة في الاقليم.
وقال ان الاعوام السابقة التي تلت الازمة الاقتصادية شهدت اغلاق العشرات من الجرائد والمجلات والمواقع الاهلية.
يشار الى ان الأمير مقداد مدحت بدرخان اصدر اول جريدة باسم «كردستان» في العاصمة المصرية القاهرة في 22 نيسان عام 1898، والتي مثلت الخطوة الأولى والتاريخية في وضع حجر الأساس للصحافة الكردية، وأصبحت جريدة (كردستان) منبراً للإيديولوجية السياسية الكردية، وحافظت على دورها الريادي في مجال الفكر السياسي والإيديولوجية الكردية، ويعود لها الفضل في تسهيل طريق الحرية والتحرر والتقدم الحضاري.
وكان صدورها في القاهرة بعيدا عن ارض كردستان يعد تأكيدا للمعاناة والظلم الذي عاشه الشعب الكردي والذي منع من ممارسة ابسط حقوقه المشروعة على أرضه وبلسانه الذي يميزه عن بقية أقوام العالم، وكانت صحيفة كردستان بداية تدفق كلمات المقاومة ضد عهد الدولة العثمانية، الذي كان عهد الظلم والجهل واستغلال وحرمان حقوق الكرد والقوميات الاخرى من حقوقهم القومية والثقافية.