عبد الجبار الحمدي
غريب أمرك يا هذا!!! كأنك تنشد حبل الوريد ان يكون مقطوع ينزف، أراك تعمد الى إطلاق لسانك دون أن تمسك بلجامه فأراه جامحا لا بل متمردا على واقع عشته ويعيشه الكثير من الناس في حقب متعاقبة، فلم أنت متبرم دوما!! ألا يكفيك ان ترضى بواقع حياتك؟ ها انت في كل ليلة بعد ان تعكر مزاجك بشرب من زجاجة الحقيقة التي ما ان تترعها حتى تخرج مفردات اللاوعي ثم ترمم إشاراتها سلما موسيقيا كأنك تريد ان تجدد السلام الوطني لبلدك ههههههه… تصور دولة يختلف حكامها على لون علم او موسيقى عزف جنائزي، أما الشعب يخوط بمستنقع اللهو والخنوع بحجة من يتصدر فوهة المدفع، رغم أنهم ينساقون الى مسميات تحميهم بسطوة العظم لك والجلد لي… هكذا كان أبائكم يقولون لمن يُعًلِمون أبجدية الحروف.. الحروف التي شكلت أمة إقرأ في وطن الكتابة المسمارية.. المسمار ذلك الذي بتنا نتشبث به كجحا على أطلال خربة فما عاد وطني مثل كل الاوطان، هَزَمَنا العوز والفقر وأصحاب الدين، عبارات إلهية لا يجوز لمن لا يفقه الحلال والحرام أن يلوكها علكة أجنبية.. فأضعنا تأريخنا تماما كما أضاع حنين النعل عندما هُمل فردة ضالة فرمى بها… لكن بعد أميال من سير وجد الأخرى.. فما عاد النعل ينفع فتلهبت برمال الحقد والضغينة أقدامنا، بتنا نسير فوق الجمر حبا في عذاب نفس، تروم لطم عجزها بضربها جسد مزقته الذلة، نصرخ نمجد الارباب نحبو نلوذ خزيا الى سم خياط … يالك من وطن هزمت وبيع تأريخك في سوق من يربح المليون، صرت برنامج حروف وألوف يتبعك من يرغب ان يحلم، إنك الوزة التي تبيض ذهبا.. لم يهنوا عنك فقد ملكوا القيثارة التي تطرب لها كي تبيض إمسك عليك جحرك.. بعد أن تركوا لك العنان كي تحزن.. كي تلبس السواد وتعمد الى أن تكون الظالم والمظلوم، الحاكم والمحلف، القاض والجلاد… يا لك من وطن يلطخ ملابسه بالدم كي يشعر أن الحياة للأقوى كما لطخوا ثوب يوسف إخوته.. أمة وشعب تائه بين هاته وتلك…
لا أراكم الله خيرا بعد أن هتكتوا المحرمات حتى لاطت بكم الأحاين من كل حدب وصوب، مُلِّك عليكم من جلدتكم لا يرحمكم بعد ان ألبسوه الطهارة وفي دهليز ليل هتكوا ستر رجولته، غمسوا وطمسوا رأسه في التراب …. نعم تماما كالنعام مكشوفة مؤخرته لكل من يشتهي الفجور.. يا للجحيم مالكم لا تفقهون!!! يا لجزعي منك لم أستطيع أن ابتلع ترهاتك كفال تذمرا، كفاك شكوى مالي وحالكم؟ أنتم عولتم على البقاء أحياء في صحراء جرداء زرع فيها وماء… لكنكم تتصارعون من يبيع ومن يملك خراج السماء.. كثر في وطنكم العواء، شرحتم مصيبتكم من الألف الى الياء، وزعتم قرابين ظلمكم لأنفسكم قرون تزحف على بطونها زحف الثعابين لأمر لا يستتب أبدا لأنكم مزقتم صحف إبراهيم وموسى.. نثرتم الأرضة في الكعبة، مزق الله عهدكم ولو يبقي سوى أسمه لأنه يعلم أنكم قوم طبل ومزمار.. تحبون بيوت صاحبات الرايات الحمر… تقرعون أجراس الكناس في أديرة ليل واجساد عارية، تمارس الجنس في بيوت الله وأقبية كنائس.. أحبارهم كرجال دينكم لا يتورعون قتل الله إن عارض ربوبيتهم… كفاك جدلا وحزنا، أطمر لسانك، لا توقظ جرذان الأزقة التي تنتمي إليها، ها انت لم تغير من حالك فمنذ عرفت أنت أنت… تسكن الأزقة بحجة القيم التي مزقت صحيفتها، بحجة أنك لا تسطيع ان تغير ما لا يمكن، فقد بيعت الصحف وخوزق الرجال والكثير دقوا بالمنجنيق…. فعلام تُسمِع صراصير الليل وهي تضج بالأزيز.. لقد حفظت عبارتك التي تبدأ… أخلع نعليك أنك في الوادي المقدس…
جميعكم أنبياء حين سلبت الإرادة، وجميعكم قارون حين تمسكون البساط الطائر والصولجان، تصرخون بعدها لا مكان للحفاة في وطن انتعل القيم الإنسانية مرض سرطاني، تعادون من يدافع عن الحق… والحق مؤود بينكم في أقبية سوداء مزقتم جلده بالسياط، صلبتموه على جدران مملحة… أيكفيك أم تريدني أن أزيد؟ كي أطيح بما ترعت كي تعود الى وعيك و واقعك الأجرب الميؤوس من إصلاحه.. فقد قتلتم الطبيب وأحرقت براعم الترياق…
تحركت تلك الكومة من الثياب بعد ان أمسك صاحبها بها فصاح بعد أن مزقها… آه يا وطني كل ما قلته صحيح .. جراحي كثيرة وعيوبي أكثر، أنظر الى هذا الجسد التي سكنته الذلة، النتانة بات جيفة بين قاذورات أزقة، فالحياة محرمة علي كما الميتة ولحم الخنزير… لا ألومك حين تلومني او تبدأني السباب او الشتم او كل ما يمكن أن تقول فنحن أضعناك بخبلنا بجنوننا بشياطيننا.. كيف أسمينا ديوثي العصر الجديد أم أوعية مناهيل نغطي جيف جثث الموتى التي نلبس، فمن بيدة السلطة لا يرحم، والأدهي أن أصابع السلطة منا وفينا… ينقلبون كما تنقلب الدعاسق تلك التي ما ان تحاول دفعها عنك تطلق الريح الفاسد، يزكم انفك فتترك المكان… همهم سحقنا وهمنا الهرب من أنفاس كريهة، رغم أننا إلبسنا براز الخوف الذي صاغوه لنا أساور في رقاب ومعاصم… أضعناك يا وطن ونحن في كل يوم نغني موطني.. أضعناك كلما نظرت الى رايتك وهي ممزقة مهملة فوق أبنية الحكام…أضعناك عندما وثقنا أننا قوم حضارة لا جاهلية… كأنها لعنة منينا بها بخيزنا القديم وعارنا الذي نلبس ونجدد… أعدك يا وطني بأني سأخرس الى الأبد.. سأقطع لسان الوعي والحقيقة.. سأبرم صفقة مع الشياطين الجدد بأني لا أنوي أن اخربش على جدران مصقولة وزجاج معتم.. أعدهم بأن أكون من حثالات هذا الوطن الكبير الذي يؤمن من فيه بالخزعبلات… أعدهم بأ اكون حافيا جديدا مؤمنا بكل شرائع الدستور، أعدهم بأني لا أفكر ابدا، بل سأمزق صفحة المعاهدة سأكتب عبارة واحدة… ربي إجعل هذا الوطن غير آمنا وامنع عنه الخيرات.. خذ منه كل شيء فقد دع له مسمار جحا كي يقدسه ويزوره في كل عام يدور حوله يمسك به يقبله رغم الصدأ الذي مني به بعد ان تحول الى السواد وهو يواكب تغييرات موسمية سحقت عبارات المعاهدة ولا أنسى ابدا ان من هزم الباطل أرَضَة حافية.