-1-
خلع التاريخ على السلاطين من بني أميّة وبني العباس ألقابا وعناوين لا يصح ان تطلق عليهم بأي وجه من الوجوه ..!!
قيل عن كل واحدٍ منهم بانه :
(امير المؤمنين)
وهذا اللقب يشي بأنه كان قدّيساً ..!!
مع أنّك لو أردت أنْ تجمع ما صدر عنهم من انتهاكاتٍ لحرمة الشريعة ومقدساتها ، وعبثٍ بقيمها وموازينها، لاستطعت ان تُخرج موسوعةً ضخمة تنطوي على العجب العجاب من الوقائع والفظائع ..
نقول هذا بالرغم من قناعتنا الراسخة ان التاريخ كُتب منحازاً لهم، ولم يُكتبْ – في الغالب- بأقلام تراعي الموضوعية ، وتتحرى الحقائق، فكيف لو كان قد كتب بعيداً عن الأهواء وممالأة الحكّام ؟
-2-
وبقيت هذه الحالة الى يومك هذا عند نفر من المنغلقين المتكلسين والاّ فما معنى اصدار احدهم لكتاب عنوانه :
( يزيد بن معاوية امير المؤمنين المفترى عليه )
نعم انّ (يزيد) عند هذا الكتاب الغارق الى أذنيه بالجهل هو أمير المؤمنين وأمّا قَتْلُه لريحانة رسول الله وسيّد شباب أهل الجنة الامام الحسين (عليه السلام) فهي فرية ومحض اتهام ..!!
وعلى العقل والحقيقة ألف تحية وسلام …
-3-
ونحن نميّز بَيْنَ (التدين) و(التعصب)، ونعتبر “التدين” خصلة لابُدَّ ان يحترم صاحبها حتى اذا كنا مختلفين معه في الرأي ، وهو محمول على الصحة ، وأما (التعصب) فهو داء ذميم يدعونا الى الاشفاق على صاحبه، كما اننا لا نحمله على الصحة في كل ما يتخذه من أراء ومواقف ، لأنها مغموسة بالهوى ..
المتعصبون : يفضلون نشر مناقب السلاطين من بني أمية ومن بني العباس ويتضايقون من ذكر مناقب أهل البيت (عليه السلام) في منحى واضح الدلالة على الابتعاد عن مرافئ الصواب …
والمتدينون يرفضون بشدّة أنْ يقارن باهل البيت (عليه السلام) وهم مصابيح الهدى – اولئك المنهمكون في لياليهم الحمراء مع جواريهم وغلمانهم بسادة الخَلْق وأئمة الحقّ …
-4-
واليك الأن حكاية العربدة :
جاء في التاريخ :
انّ ( الفضل بن الربيع) – رآى هارون يخرج ضاحكا من عند (زبيدة) – وكان قد تغدّى عندها ونام
فقال للرشيد :
” قد سرّني سرورُ أميرِ المؤمنين “
وكأنّ الفضل أراد بهذا أن يعرف سرّ هذا السرور ؟
فقال له (هارون) :
” ما أضحكُ الاّ تعجباً من هذه المرأة “
- يعني زوجته زبيدة –
” أكلتُ عندها ونمتُ ، فسمعت رنّةً فقلت :
ما هذه ؟
قالوا :
ثلاثمائة الف دينار وَرَدَتْ من مصر ،
فقالت :
هَبْها لي يا ابن عم ،
فرفعتها اليها ،
فما برحتْ حتى عربدتْ وقالت :
أيُّ خَيْرٍ رأيتُ منك ؟ “
المنتظم لابن الجوزي / ج10 ص 278
أقول :
لا ادري مِمَ أعجبُ :
هل أعجبُ مِنْ (هارون) قد أضحكَتْهُ عربدةُ زبيدة عليه ؟!
أم اعجبُ مِنْ دفعه الثلاثمائة الف دينار الى (زبيدة) من دون تأمل ؟
مع أنَّ هذا المبلغ الضخم يُمكن أنْ يُنعش آلاف العوائل البائسة التي هي بأمس الحاجة الى المال ..
انّ مشكلة الشعوب مع الحكّام هي ان الكثير من الحكام يستخدمون (المال العام) وكأنه ملك شخصي لهم ..
ومن ثم فهم يهبونه لما شاؤوا، ويتصرفون به تصرف المُلاّك وما هم بالمُلاّك ..
-4-
انّ أكبر المشكلات الراهنة في العراق هي مشكلة الاستحواذ على (المال العام) بدون وجه شرعي وقانوني، وتحويله الى حسابات خاصة يتمتع بها حيتان الفساد مع زوجاتهم وأبنائهم، وعلى رؤوس المستضعفين التراب..!!
انهم يدّعون الانتماء الى الامام العادل علي بن أبي طالب (ع) الذي رفض ان يعطي أخاه شيئا من بيت المال،ويمارسون ما مارسه (هارون) وأضرابه من السلاطين .
وهذه هي الطامة الكبرى .
حسين الصدر