الاسلاموفوبيا وراء حادثة نيوزيلندا
ترجمة: سناء علي
تسببت الهجرات الجماعية صوب اوربا والعالم الغربي، سيما تلك التي تضم العرب والمسلمين، بتنامي المخاوف من انتشار الإسلام في تلك البلاد، بعد ان اذكتها وسائل الاعلام بترويجها لمصطلح الاسلاموفوبيا، الذي ساعد بنحو كبير الى تنامي اليمين المتطرف هناك تحت ذرائع الدفاع عن المسيحية او الحد من الهجرة.
وللحقيقة، ساعدت الحوادث الإرهابية التي وقعت في اوربا خلال السنتين الماضيتين بنحو كبير، على تشدد ذلك اليمين، وعلى الرغم من كل ما حدث الا ان اليمين المتطرف ما زال يواجه المناهضين له، وهم الأكثر بالتأكيد سواء على مستوى الاوربيين العاديين ام أولئك الذين يعنون بالسياسة والاعلام المتوازن، سيما منهم الذين ينتقدون المخاوف من المسلمين والاسلاموفوبيا.
وهنا مقال أعدته الصباح الجديد عن صحيفة لوس انجلوس تايمز وموقع Truthout الأميركي، يكشف ان المسلمين باتوا قلقين في العالم الغربي ويدعون الى مظاهرات مليونية لمواجهة خطاب الكراهية والتطرف والاسلاموفوبيا، معولين على أهمية أن يحشد المسلمون ضمائر العالم معهم، والخروج بجبهات مجتمعية متماسكة ضد التطرف العنصري والإرهاب، لافتة الانتباه إلى أن التصدي للتطرف والعنصرية مسؤولية جماعية وأولوية ملحّة وعاجلة:
” لا زال الدين الاسلامي يعتبر في الوقت الحالي من اخطر الديانات التي باتت تمثل عامل خطر لعدد كبير من القادة والسياسيين الغربيين والذين وصفوه بانه يهدد وجودهم , خاصة ان الاسلام شهد انتشارا واسعا في بلادهم التي يحكموها , لذلك باتت الهجمات الاعلامية على الاسلام والمسلمين تاخذ منحى متطرفا على مستوى عال من التصعيد في كل انحاء العالم . “
آخر المواجهات التي هزت العالم من جديد والتي وقعت الجمعة (15 مارس الجاري) ؟, بعد أن شن مسلحون هجوماً على مسجدين بنيوزيلندا، مستهدفين عدداً كبيراً من المصلين الذين كانوا يؤدون صلاة الجمعة، حيث أدى الهجوم إلى وقوع نحو مئة قتيل وجريح.
تلك الممارسات التي تحاول الحد من دخول الناس في الدين الإسلامي، ومنع وجوده في دول الغرب، أكدت أن “الإسلاموفوبيا” تسيطر على فئة كبيرة بات همها محاربة هذا الدين.
“الإسلاموفوبيا” مفهوم يَعني حرفياً الخوف الجماعي المرضي من الإسلام والمسلمين، لكنه في الواقع نوع من العنصرية قوامه جملة من الأفعال والمشاعر والأفكار النمطية المسبقة المعادية للإسلام والمسلمين.
- عن صحيفة (لوس انجلوس تايمز ) وموقع Truthout الاميركي الاخباري
لعدد من الكتاب منهم ( امي كودان وسانا اسيد )
ويرجح عدد من علماء التاريخ ان استخدام هذا المفهوم بات واضحا وجليا في بدايات القرن العشرين , عندما ابتدأ عهد الخوف المرضي من الاسلاميين وممن يرتدي الزي الاسلامي , هذا الخوف المرضي الذي ازدهر انتشاره بالتحديد في مطلع العقد الأول من الألفية الثالثة، وتحديداً على إثر هجمات 11 سبتمبر لعام 2001، التي وقعت في الولايات المتحدة وتبناها تنظيم القاعدة.
اميركا والولايات المتحدة تعتبر من اكثر البلدان تاثرا بهذا المفهوم المرضي , كونها من اكثر البلدان التي شهدت جرائم كراهية ضد المسلمين , خاصة ان مكاتب التحقيق الفدرالية قد اشارت في احدى بياناتها الاستطلاعية الى ان نسبة تلك الجرائم في عام 2017 قد شهدت ارتفاعاً بنسبة 67% من عام 2015، مشيرة تلك البيانات إلى أن عدد المجموعات المعادية للمسلمين في تزايد.
أيضاً انتشرت ظاهرة الإسلاموفوبيا بسرعة في البلدان الأوروبية، وباتت أخبار الاعتداء على المسلمين تأتي من معظم العواصم الأوروبية، خاصة بعد الاعتداء على نساء محجبات هناك.
وفي دليل على تصاعد ظاهرة “الإسلاموفوبيا” في أوروبا وأمريكا، كشفت أحدث استطلاعات للرأي الأوروبي، نشرت في وقت سابق من العام الجاري عن أن الإسلام هو الدين الأقل تفضيلاً في الغرب؛ إذ اعتبر نحو نصف الفرنسيين والألمان أن تعاليم الدين الحنيف تتعارض مع قيم مجتمعاتهم، مقابل ثلث الأمريكيين والبريطانيين.
وقال الاستطلاع، الذى أجرته مؤسسة “يوجوف” البريطانية ونشرت صحيفة “ديلي ميل” نتائجه، إن 47% من الألمان عبروا عن وجود صراع أصولي بين تعاليم الدين الاسلامى وقيمهم المجتمعية، في حين تصل النسبة في فرنسا إلى 46%، مقابل 38% في بريطانيا، و36% في الولايات المتحدة.
الاستطلاع أضاف أن 20% فقط من الألمان اعتبروا أن الإسلام ملائم لمجتمعهم، مقابل 22% في فرنسا.
وعلى الرغم من ذلك أكد الاستطلاع أن نحو 59% ممَّن شملهم البحث فى فرنسا، و63% فى ألمانيا، اعترفوا بأنهم لا يعرفون شيئاً عن تعاليم الدين الإسلامي، وأيضاً أكد أكثر من من ثلث البريطانيين والألمان أنهم لايعرفون مسلمين بشكل شخصي.
وحول الخوف من انتشار الإرهاب الذى يرتكب باسم الإسلام في الغرب، أعرب 72% ممَّن شملهم البحث في الدول الأربع، عن قلق بالغ أو متوسط حيال الأمر، في حين أبدى 48% من الألمان، و47%من الفرنسيين، مقابل 33% من الأمريكيين، و27%من البريطانيين، أنهم سيفكرون كثيراً في حالة إقدام أحد أقاربهم أو أصدقائهم على الزواج من شخص مسلم.
بحسب ما تشير دراسات متخصصة، فإن انتشار الإسلاموفوبيا يعود لعدة أسباب؛ منها احتواء التاريخ على الكثير من وقائع الصراعات بين الإسلام والغرب، التي يعود تاريخها إلى عصر الفتوحات الإسلامية؛ وهو ما يحتاج بالفعل إلى توضيح للغرب من قبل المختصين والمستشرقين، خاصة أن الصورة المنقولة عن تلك الفتوحات أنها عداء ودم وقتال.
الدراسات تشير أيضاً إلى أن الجهل بالإسلام هو الأمر الأخطر؛ لأن الكثير من الأوربيين ليست لديهم أي قابلية للتعرف على الإسلام عن قرب؛ وهو الأمر الذي يجعلهم يخافون منه ويميلون إلى معاداته؛ وهو ما يحتاج إلى توضيح، لا سيما مع سطحية المعلومات لديهم عن الإسلام.
ومن بين الأسباب التي أدت إلى انتشار الإسلاموفوبيا الخلط بين الدين الإسلامي وواقع المسلمين؛ حيث تعاني الأمة الإسلامية على مدى قرون عدة من أزمات سواء اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية أو ثقافية.
وبحسب الدراسات فإن بناء صورة سلبية عن المسلمين سبب آخر من ضمن أهم الأسباب للخوف من الإسلام غير الصحيحة.
بالنظر إلى ما سبق، فإن مجزرة مثل التي وقعت في مسجدين بنيوزيلندا، من قبل مسلحين وثق أحدهم هجومه ببث مباشر، مجسداً كرهه العميق للمسلمين، أمر متوقع الحصول.
وبناءً على هذا أدرك – على ما يبدو- مجموعة من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي خطورة ما يتربص بالمسلمين، لا سيما في الغرب، وصدّروا بعد ساعات من الحادث حملة دعوات يتم تداولها بين مسلمي أوروبا على مواقع التواصل الاجتماعي؛ تطالب بالخروج في مظاهرات مليونية؛ لمواجهة خطاب الكراهية والتطرف.
وشددت الدعوات على ضرورة تخصيص المجتمع لحشد حركة تضامنية واسعة حول العالم ضد الإسلاموفوبيا وخطابها المتطرف، وما تتسبب به من جرائم، مع التذكير بتزايد استهداف المساجد في أوروبا وأميركا الشمالية أيضاً.
وأكدت الدعوات أهمية أن يحشد المسلمون ضمائر العالم معهم، والخروج بجبهات مجتمعية متماسكة ضد التطرف العنصري والإرهاب، لافتة الانتباه إلى أن التصدي للتطرف والعنصرية مسؤولية جماعية وأولوية ملحّة وعاجلة.