التصريحات الأخيرة لرئيس الاميركي دونالد ترامب بشأن الوجود الاميركي في العراق تثير الشجون وتدلل على عدم نضج ترامب السياسي او عدم اجادته التحدث بالشؤون الخارجية ونظرته لعلاقات الولايات المتحدة الاميركية مع دول العالم الأخرى واذا كان عدم النضج هذا مشخصا خلال الحملة الانتخابية للرئيس الاميركي قبل سنوات فإن التحدث عن الشؤون السياسية في المحافل الداخلية والخارجية من على منبر الرئيس يختلف بالتأكيد عن الحديث من على منابر الدعاية الانتخابية للمرشحين واذا عدنا لملف علاقات العراق بالولايات المتحدة الاميركية منذ مجيء الرئيس ترامب فإننا سنجد ان اتفاقية الإطار الاستراتيجي بين البلدين كانت مفصلا مهما تجسدت اهدافها بوجود آليات للتعاون المشترك أسس لها الرئيسان السابقان جورج بوش الابن والرئيس باراك أوباما مع رئيس الوزراء الاسبق نوري المالكي وجرى من خلال الاتفاقية تحديد ملامح بقاء القوات الاميركية في العراق باتفاق البلدين وبالتالي لايمكن للرئيس ترامب حينما يتحدث عن الوجود الاميركي في العراق ان يتجاوز هذا الإطار الذي رسمته مؤسسات تشريعية تنفيذية في العراق وأميركا وصادقت عليه قبل سنوات وسيكون اي تشويه او تحريف في التصريحات حول هذا الملف بمنزلة انتهاك لقواعد السلوك الأخلاقي في التعامل بين الدول ونشير ومن المفيد القول انها ليست المرة الأولى التي يتحدث بها الرئيس ترامب عن العراق بتهويل دعائي اعتاد عليه في محاولة للفت الأنظار ومحاولة للخروج من اي مأزق او ازمة تواجه منهجه السياسي في مناسبات مختلفة وهو هنا حينما يتحدث عن قاعدة عين الأسد التي تشكل اليوم رمزية عالية للوجود الاميركي يحاول تصدير أجندة سياسية مغلفة بدعاية تستهدف توصيل مجموعة من الرسائل إلى دول أخرى فيما يؤمن العراقيون بأن هذه القاعدة هي جزء مهم وحيوي من اتفاق التعاون بين العراق والولايات المتحدة الاميركية التي تحدثنا عنها ولربما اختلفت الأدوار المناطة بهذه القاعدة باختلاف الأحداث الداخلية والخارجية التي يمر بها العراق ولكنها في النتيجة بالنسبة للعراقيين لاتشكل اي اساس للحديث عن استراتيجية طويلة الأمد يريد الرئيس ترامب تمريرها من خلال وسائل الإعلام بوصفها حقيقة مطلقة وافق عليها العراقيون من دون أي تفاهم او اتفاق مسبق وهي بالتالي محاولة اميركية لإعادة رسم التحالفات في المنطقة والتعامل مع الملف الإيراني والسوري من خلال توظيف القدرات القتالية الاميركية في العراق عامة وفي قاعدة عين الأسد خاصة واعتبار هذه القوات عاملا أساسيا في أي صراع مستقبلي مع أعداء اميركا اي جعل العراق ميدانا حربيا لهذا الصراع وهذا ما يرفضه العراق سواء اكانت هذه استراتيجية الولايات المتحدة الاميركية او اية دولة أخرى مجاورة العراق وحسنا فعل الرئيس برهم صالح حينما أبدى استغرابه من تصريحات الرئيس ترامب الأخيرة بشأن قاعدة عين الأسد في غرب العراق وحسنا فعل حينما اكد على رفض العراق لهذه الفلسفة السياسية في التعامل مع العراق كدولة ذات سيادة تعرف تماما مصالحها وترفض تجاوز المبادئ العامة للسياسة العراقية في مجال علاقاتها مع دول العالم الأخرى.
د. علي شمخي
رمزية (عين الأسد)
التعليقات مغلقة