الجدل والاختلاف حول ما ورد “جريمة الزنا الإلكتروني”

غانم عمران المعموري

كما أن عدم اهتمام الحكومة في توفير مؤسسات ثقافية ونوادي رياضية أو ورشات عمل مدعومة ماديا فإن ذلك له دور كبير في زج الكثير من الشباب في ممارسات غير سوية .. وحتى لو كان الخطاب الديني موجودا، فدون الدعم المادي لا يستطيع الحد من تلك الجرائم الإلكترونية أو غيرها، حيث أن غياب الدعم المادي سواء من الحكومة أو الجهات الدينية يُساهم بشكل كبير في انخراط الكثير من الشباب في أعمال الرذيلة لوجود الفراغ والبطالة، بالإضافة إلى الإحباط لدى الكثير ممن تقدم العمر عندهم دون زواج أو دون عمل أو وظيفة .. حيث أننا نعرف جيدا مثلاً بأنه لا يجوز وفق الشريعة الإسلامية قطع يد السارق الا إذا توفرت العديد من الشروط ومنها أن تقوم الحكومة بتوفير كل مستلزمات الحياة الضرورية، وبعكسها فإن تطبيق العقوبة مخالف للشرع. وبذلك فإننا نرمي العاتق الأكبر على الحكومة في المساهمة الفعالة في الدعم المادي وتوفير وسائل ومتطلبات الحياة الضرورية وبالتالي تستطيع أن تُشرع قانونا يُعاقب على تلك الأفعال… كما أن الكاتب قد أخلص بالقول بأنه: لا يوجد أي تشريع وفي أي دولة يعاقب على المسمى ( الزنا الإلكتروني ).. لكن قانون الأحوال الشخصية العراقي أعطى الحق لكلا الزوجين، إذا كان لديه أدلة مثل الرسائل والمكالمات مع شخص أخر طلب التفريق. وقد صدرت قرارات بالتفريق لهذه الأسباب.. لكن قانون العقوبات العراقي يخلو من أي نص عقابي يتناول فيه الزنا الإلكتروني. كما أن التشريع المصري لا يوجد فيه أي قانون يُجرم مرتكبي الجرائم الإلكترونية بتهمة الزنا، وأنه لا يعد ذلك فعلا فاضحاً كذلك.. الا إن الشريعة الإسلامية قد بحثت موضوع الزنا بصورة تفصيلية وبينت شهود الزنا يجب أن تتوفر فيهم سبعة شروط هي: كونهم أربعة، وكونهم رجالا، وكونهم أحرارا، وكونهم عدولا، وكونهم مسلمين، وأن يصفوا الزنا فيقولوا: رأينا فرجه في فرجها كالمرود في المكحلة أو كالرشا في البئر، وأن يجيء الشهود كلهم في مجلس واحد. انظر المغني لابن قدامة: 9/65.. واستدل على اشتراط أربعة شهود في الزنا بقول الله تعالى: «وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ» (النساء:15)، وقوله تعالى: «وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ» (النور: 4)، وقوله تعالى: «لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ» (النور: 13). ويستدل من الآيات الكريمة ومن الأحاديث والتمعن في تفاصيلها يتبين صعوبة تحقق أدلة إثبات الزنا، ويكاد أنها لا تتحقق الادلة الا ما ندر، لأن الله سبحانه وتعالى يحب الساترين، بل إن الله تعالى قد حدد عقوبة الجلد للشهود الأربعة اذا لم يثبتوا صحة واقعة الزنا.. ومن خلال ما ذكر القرآن الكريم والأحاديث للرسول ( ص) وأهل بيته، فإن كل المشرعين في الدول العربية قد تجنبوا وضع نص يُعاقب، و يعد الافعال غير أخلاقية زنا. والذي يحصل من خلال وسائل التواصل الاجتماعي لمعرفتهم بأن تلك الجريمة قد حددها وحدد شروطها والعقوبة المقرر فيها الله سبحانه وتعالى في كتابه.. لذا فأن المشرع العراقي لا يستطيع أن يسن قانونا أو يضع نصا عقابيا يُجرم فيه الجاني وفق جريمة الزنا حتى وإن كان هناك متضررا ( الزوج أو الزوجة ) لعلمه المسبق بأنه لا يستطيع وضع شروط لتحققها تتعارض مع احكام الشريعة الإسلامية..كما أنها من الجرائم التي تمس كيان الأسرة والتي تُعتبر نواة المجتمع. ويلاحظ بأن فضيلة القاضي قيس الحسناوي قد بذل جهدا كبيرا في جمع المعلومات والاطلاع على مصادر عديدة، لأن موضوع بحثه حديث ولم يتطرق إليه أحد سابقاً سوى وجود مواضيع متناثرة على المواقع الالكترونية، كما أننا لم نعثر على كتاب تناول جريمة الزنا الإلكتروني بهذا التفصيل . لذا يُعتبر هذا الكتاب رافدا من روافد المكتبة القانونية في العراق والدول العربية.. كما إن للقاضي العديد من البحوث الحديثة ذات القيّمة العلمية.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة