أحمد جبر صالح
ما زلتُ هنا
أطفأتُ جهازي تواً على إذاعة
كانت تبثُ موسيقى
ما زلتُ هنا
أتأملُ في جدران الغرفة
كيف إنها فقدتْ لمعانها
وتآكلتها الأرضة ..
أتذكرُ لحظة جلوسي على الرصيف
خارجَ مرآب النهضة
منتظراً سيارة “ريم”
تأخذني الى حتفي
في الساترِ الأول من الجبهة
وقد أقعى أمامي كلبٌ هزيل
فقدَ إحدى عينيه
وهو يرنو اليّ
نظرةَ كائنٍ متوحد
لا يجدُ إجابة ً في كتب الفلسفة !
شلتْ نظرتهُ عقلي
وأبكتني على نفسي
ها أنت تحارب
لمَ تحارب؟
ولأجل مَن تحارب؟
أتذكرُ لحظة َدخول أمي عليّ
بثوبها الأسود، وهي تطشُ حلوى المُلَبّس
إذ عدتُ سالماً من معركة
– الحرب لم تنته بعدُ يا أمي
– أعلم، لكن دعني أتخيلُ يومَ عرسك
أخذتْ الحربُ أمي
وتجاوزتْ قبرها أميالا ً أميالاً ..
أصبحتُ عجوزاً الآن
مكاني هذي الغرفة
ومهنتي الوحيدةُ أن أكتب
في عالم تأكلُ كتبهُ الأرضة