علي عبد العال
يدخل الشعب العراقي بمرحلة قلقة جديدة بعد نتائج الانتخابات التي لم تخرج كثيرا عن مستوى التوقعات العامة لغالبية المحللين والمتابعين والمراقبين السياسيين. المرحلة الأصعب التي على الفائزين والخاسرين معا لعب الأدوار فيها من أجل تشكيل الحكومة العتيدة.
أفرزت تلك النتائج بوضوح جلي توجه جمهور الناخبين العراقيين بشكل عام؛ وهو توجه يخلط ما بين السياسة والانتماء الطائفي، مع انحياز المزاج الشعبي العام للتأثيرات الطائفية أكثر من انحيازه للعملية السياسية كونها سياسة تختص بإدارة شؤون البلاد العامة على وفق أنظمة ومبادئ سياسية علمية. كان الوثوق بالقادة والأحزاب الدينية أكبر منه بالوثوق بالأحزاب العلمانية ذات الطابع السياسي الأكاديمي المحترف. ببساطة يمكننا القول إن مزاج الناخب العراقي كان عاطفيا أكثر منه سياسيا. لا ضير ولا عيب في ذلك طالما كانت تلك هي نظرة شعب لأمور بلاده بشكل عام، ويشبه ذلك ما يحدث بالدول المجاورة للعراق التي مارست التجربة الديمقراطية قبله ببضع سنين كإيران الشيعية وتركيا السنّية على سبيل المثال.
يبقى طموح الناخب العراقي الذي وضع صوته في صندوق هذا الطرف أو ذاك هو رؤية بعض التبديل والتغيير في حياته اليومية البائسة ومصدر رزقه ومقدار ضمان حقوقه الاجتماعية وحقوقه المعيشية ورفع مستواه الاقتصادي من مستوى الفاقة والعوز إلى مستوى يعلو ولو قليلا عن مستوى الفقر الذي بلغته شرائح واسعة من المجتمع العراقي. يأمل المواطن العراقي برفع الظلم والحيف والجور الذي لحق به طوال الأعوام العشرة المنصرمة والكثير من المواطنين مهجرين ببيوت صفيح وخيام مهلهلة في العراء نتيجة الصراعات الحزبية والطائفية البغيضة. يطمح المواطن العراقي الذي وضع ثقته بالصناديق الفائزة والخاسرة على السواء أن تكون هناك دولة جديدة قادرة على انتشاله من المعاناة الرتيبة والقاسية، ويطمح بالوقت ذاته برؤية معارضة سياسية حقيقية من شأنها محاربة أخطاء الحكومة ومحاسبتها عبر مقاعدهم في البرلمان القادم بروح وطنية وليس بعداوات طائفية جوفاء يبغضها ويتنكر لها غالبية الساسة من جميع الأطراف باللسان فقط ويطبقونها بالأفعال الصريحة التي تزيد الشروخ الاجتماعية والمعاناة الشعبية عمقا وتصعيدا يهدد أمن البلاد وسلامة العباد.
ما يطمح له المواطن العراقي البسيط والمختص والمثقف والموظف والأمي والثكالى من النساء والأيتام والعجزة أن يرون حكومة عراقية ترعى مصالحهم البسيطة وتخفف من همومهم الكبيرة التي أثقلت كاهلهم. لسنا نكتب تحليلا عن نتائج الانتخابات المعروفة مسبقا، ولكننا ننقل الجزء البسيط من معاناة العراقيين التي بلغت حدود الظلم والجور والقهر لا تليق بالعراق وشعبه العريق.