صناعة التفاهة

سلام مكي

خمس كلمات، كانت كفيلة بجعل شاب يشتهر، ويعرفه الجميع، حيث أصبح له معجبون، ومعجبات، يستضيفونه على شاشات الفضائيات، ليحدثهم عن تلك الكلمات العظيمة التي جعلت منه نجما محلقا في سماء اللا شيء! بالمقابل، ثمة العشرات من الأسماء المبدعة، من كتاب وشعراء أنتجوا الكثير من الأعمال الأدبية المهمة التي لا يمكن لأي إنسان واع أن يستغني عنها، وساهموا طوال عقود من الزمن في التأسيس لثقافة رصينة، جعلت من المجتمع غنيا بالثقافة والمعرفة التي لولاها، لما كان هنالك مجتمع مثقف! شاب آخر، يقوم بعمل إعلانات للأكل والشرب، يحصد كل يوم ملايين الدنانير، بسبب الإعلانات التي يقوم بها لمطاعم وكافيهات، تستغل العدد الهائل من متابعيه لتطلب منه عمل إعلان لها على صفحته والتي تضمن من خلاله الوصول الى آلاف الناس! هذا الشاب، تتم استضافته والاستماع إلى أفكاره المهمة في كيفية التعامل مع الأكل المعروض أمامه! وما هي نصائحه لنا، بهذا المجال! منصات إعلامية كثيرة، وقنوات تلفزيونية، تتيح لهؤلاء، مساحات واسعة من برامجها، للترويج لهذه الشخصيات التي نحترم انسانيتها، لكنها بنفس الوقت، من غير المعقول أن تتصدر المشهد الاعلامي للمجتمع العراقي، الذي يزخر بالأسماء اللامعة في الأدب والثقافة والعلم والمعرفة.

الناس، هي المسبب الأول والأخير، لانتشار هذه الظاهرة الخطيرة التي تساهم الى حد كبير بتسطيح المجتمع، وجعل شخصيات فارغة ثقافيا ومعرفيا قدوة للجيل الناشئ، حيث أن المذيع يسأل إحداهن عن ممتلكاتها، فتبدأ بسرد ما تملكه، من سيارة فاخرة، وشقة سكنية في أهم مجمع سكني في بغداد. كل هذه الأموال وهي لم تتجاوز ال20 من العمر، بالتالي، يتم إرسال رسائل خطيرة للمجتمع، بأن سلوك هذا الطريق، سوف يجعلك تملك ما تريده من الأموال! وبسرعة البرق!

فهل ماعاد المجتمع العراقي، لا يصدر سوى هذه الفئة، حتى تنشغل الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي بهم، وكأن لا أحد غيرهم! وهل ثمة خطة مرسومة لجعل المحظور أمرا طبيعيا، بحيث يتم طرح الاسفاف والتهريج، لغاية الوصول الى ذكر الكلام الذي لا يليق بالمشاهد المحترم، وصولا الى غايات أبعد؟

 

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة