نصير الشيخ
ــ يبقى الفن غاية إنسانية تترسم ملامحها في الذات والوجدان، ومن ثم بلوغ رسالته السامية في بعث كل ما هو جمالي، عبر ما يتركه من أثرٍ وبما يؤسسه من تاريخ، وللمرأة حضورها المتجدد في رسم لوحة تنبع من واقعها وتحاكي فيما بعد مديات أرحب، منطلقة من غايات انسانية نبيلة، لجس مكامن الفرح والحزن والجمال على حد سواء.
وتحت تسمية لا تخلو من شاعرية ( جماعة القمر) أقامت لجنة المرأة في نقابة المعلمين فرع ميسان، معرضها الفني السنوي الأول، وهو نتاج وحصيلة الأعمال الفنية المنتجة من قبل (الورشة التشكيلية) التي أشرف عليها الفنان والأكاديمي (قصي نزار)، والتي انضوت فيها (أحدى عشرة معلمة فنانة) أنتجت أناملهن وافكارهن (تسعين لوحة ) رسماً بالزيت على قماشة الكانفاس، حيث والكلام يقودنا للمشرف على الورشة:(بعد الاطلاع على المعارض العشوائية وخاصة في المدارس المحلية، وجدنا من الضرورة تنمية الجانب المهاري والفني لدى العديد من المعلمات اللواتي يجيدين الرسم، من هنا كانت الورشة برنامجاً لتدريس مبادئ الرسم الأساس، في جانبه الأكاديمي على ان تكون الرغبة في تطوير قابلياتهن هي الأساس، لذا جاءت اللوحات المعروضة في هذا المعرض، تناغماً مبهرأ عبر التعبير عن البيئة والريف والمرأة والطفولة، كلها تنظوي تحت سقف المدرسة «الواقعية» التي هي في تقديري الأساس الأول والأس الصحيح للرسم وإبداعاته)).
على رواق قاعة فندق كورمك التركي في مدينة العمارة، أفتتح الكرنفال الفني الثقافي وسط حضور كبير لمتذوقي الفن وسحر اللون، وعن فكرة هذه الورشة ونتاجها للأعمال المعروضة، حدثنا الفنان التشكيلي «شهاب أحمد»:(الورشة التشكيلية هي أعادة تأهيل المواهب من الزميلات المعلمات، لغرض الخروج من محدودية الرسم المدرسي البسيط، الى فضاء الفن وعالم اللوحة، ولمسنا في اللوحات المعروضة بريق اللون وحركة الفرشاة لرسم الشخوص والتكنيك العالي وصولاً الى اخراج العمل الفني).
لوحات تشكيلية شكلت فضاءً للعرض الفني هذا، يضع بين طياته أسئلة عن جدوى أن يكون الفن فاعلاً ومؤثراً في البنية المجتمعية، ان يخلق ذائقة جديدة وافكاراً تتناغم مع معطيات الواقع والارتقاء به، وعن مشاركتها في هذا المعرض حدثتنا الفنانة «بنين عماد» قائلة: (شاركت بأربع لوحات زيتية جسدت من خلالها الطبيعة في اهوار ميسان، وعالم الطفولة كذلك…وهذه اللوحات هي نتاج الورشة التشكيلية التي عملنا فيها وعليها منذ عام).
وللذائقة الفنية ودرسها الأكاديمي حضور في هذا المعرض عبر رأي الفنان النحات «محمد الرسام»:(المعرض هو حصيلة نتاج الورشة التشكيلية عبر تطوير أدوات المعلمات الفنانات الموهوبات وزجهن في الدرس الأكاديمي للرسم وأفاقهِ، بالاتفاق على القاعدة الأساس، الا وهو اعتماد المدرسة «الواقعية» في تنفيذ هذه الأعمال، كل فنانة من زاويتها).ولأن الفن مساحة كبيرة للتعبير عما تمور به النفس، وتنفيذ آسر للأفكار والمتخيل لدى الفن ان، هكذا كانت زاوية نظر الفنانة» أفراح هتلر» المشاركة في هذا المعرض (شاركت بسبع لوحات زيتية، اعتمدت المدرسة الواقعية في تنفيذها، وهذا ما أتفقنا عليه نحن المشاركات تحت تسمية «جماعة القمر» وعلى وفق ما تعلمناه في الورشة التشكيلية بأشراف الفنان والأستاذ» قصي نزار»، حيث تناولت موضوعات الطبيعة في الريف الميساني، وأجواء الأهوار، والتقاطات للأطفال في مرحهم وحزنهم، ولا اخفي لحظتها خوفي ساعة العمل بمادة الزيت على قماشة الكانفاس، ولكن ما أراه الآن من عملي عوالم جميلة).
وترى الفنانة المشاركة «أيمان نجدي»: (لاشك ان الفن رافق الإنسان منذ وجوده على هذه الأرض، لذا كان لفن الرسم أثره عبر التذوق والاهتمام به، وكانت مشاركتي في هذه الورشة التي تلقينا فيها دروساً مهمة في دراسة اللون والتكنيك وإخراج العمل الفني، وها أنا أشارك بثماني لوحات زيتية اعتمدت المدرسة الواقعية، متخذة من البيئة الريفية الميسانية، تجسيداً تعبيرياً عنها). ترافقها في الحضور المتميز الفنانة المشاركة «سيناء محمد» :(كانت مشاركة بالغة الأهمية في الورشة، مكنتني من انتاج ثلاث عشرة لوحة زيتية، اعتمدت المدرسة الواقعية واسلوبها في الخط واللون).
ولتثمين الجهد والتفكير والعمل والتنفيذ لهذا المعرض الكرنفال، كان لنا وقفة مع رئيسة لجنة المرأة في نقابة المعلمين في ميسان، التدريسية «تغريد علي حسين»:( لا يخفى أن الفن ضرورة إنسانية، وان الكثير من التجارب الفنية هي ماركة مسجلة للذكور، من هنا جاء بحثنا عن الطاقات الفنية لدى المعلمات في مدارس المحافظة، وإشراك الطاقات الموهوبة في تطوير ملكاتها عبر الورشة التشكيلية، حيث تلقين دروساً هامة في فن الرسم ومدارسه واساليبه وتكنيك العمل الفني، وهذا المعرض الان والكرنفال الفني والثقافي، هو تتويج لهذه الجهود المبذوله، وتتويج للأنامل التي أبدعت هذه اللوحات).