وداد إبراهيم
شهد العراق في العقد الأخير نهضة عمرانية وتحولات جذرية في بنيته التحتية والمدنية، وسارت البلاد بخطوات حثيثة لإعادة بناء المدن. قد يوحي المشهد كله بأن البلاد على خطى المدن الكبرى “نيويورك وباريس وموسكو”، وأتوقع أنها ستكون أفضل من دبي. وإن كانت الخدمات التي تقدمها هذه الأبنية عالية القيمة، فإنها مخصصة لمستثمرين وكبار رجالات الأعمال ومن لديهم أموال عصية على أن تصرف في دول أخرى لأسباب لا أحب الخوض فيها، لأن مجمل الموضوع هو التغيير العمراني.
هذه الأبنية، من مطاعم كبيرة فيها خدمات متنوعة من الألعاب والكافيهات وأماكن للبوضة أو الأرجيلة، وبنيت وفق المواصفات العالمية لأبهى الأبنية التي لن تجدها الآن في أكبر مدينة عربية أو عالمية، وأكثرها على شواطئ دجلة. وبعد عشرات السنوات، لن تبقى كما نشاهدها الآن، قد ينتفي الغرض الذي جاءت من أجله وتتحول إلى مراكز علمية أو اقتصادية أو جامعات أو مراكز لمنظمات عالمية مثل فيفا أو اليونسكو أو الأمم المتحدة. وقد يكون مقر بعض المنظمات الدولية العالمية ليس في سويسرا بل في بغداد، بذات العمران والأناقة والهيبة والشموخ.
هذا المشهد، وبدون مقارنة، يذكرني بالقصور الرئاسية التي بنيت خلال الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، وكانت هذه القصور عصية على أن يراها أحد أو يتجول بها المواطن أو يعرض داخلها على أي قناة. وهي تقع على دجلة وفي أفضل مناطق بغداد، حتى دارت الأيام لتتحول إلى جامعات عالمية مثل الجامعة الأمريكية التي اتخذت من أحد هذه القصور مكانًا لها. وفي حفل الافتتاح، قال رئيس الجامعة الأميركية في العراق، مايكل مولنيكس، في مقابلة مع إحدى الوكالات، “أشعر وكأنني رئيس بلدية لمدينة كبيرة أكثر من أنني رئيس جامعة” قصر الاعظمية الذي تحول الى مدينة دجلة وأصبح منتجعًا ومدينة مائية من أجمل مدن الملاهي في بغداد. لذا، لا صحة لمن يقول “إن بغداد فيها الكثير من المطاعم والمولات”، لأنني، ووفق التصور والفضول الصحفي، أقول: هذه الأبنية تحاكي المرحلة العمرانية الحالية للبلاد، وستكون بغداد من أفضل مدن العالم مستقبلاً، وستكون لهذه الأبنية دور مهم وحيوي في الصفة والوجه العمراني لبغداد الأزل.