سلام مكي
لا يمكن لأي إنسان يحترم عقله وانسانيته ألا يتخذ موقفا اخلاقيا تجاه الصور التي بثت عقب سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، من كسر لأبواب السجون، وخروج أشخاص كانوا يقبعون فيها منذ أكثر من ثلاثة عقود، لأسباب تافهة، أو نسوة يحملن أطفالهن، أثناء الخروج! مشاهد مروعة، لا يقبلها ضمير ولا وجدان. كيف يمكن للإنسان أن يكون رخيصا عند الطغاة هكذا؟ وكيف له أن يمارس جبروته وطغيانه على شعبه، خصوصا الذين لا حول لهم ولا قوة، ولا يكتفي بعقوبة محددة المدة، بل يقوم بسجن معارضيه ومخالفيه مدى الحياة، وليته سجنهم لأسباب جنائية، بل لأسباب سياسية بحتة! لعل الإدانة الأبرز لنظام الأسد هي السجون التي كانت تحتضن آلاف السوريين واللبنانيين وحتى العراقيين، وللأسف، من حررهم جهات لا علاقة لها بالإنسانية، ولا الحرية، مجرد أنها جماعات معارضة للنظام، حررت السجناء في أغلب سجون البلاد، لأنها ترى أنهم كانوا ضد النظام.
لقد أعادت تلك المشاهد المؤلمة، العراقيين الى الأيام الأولى لسقوط الطاغية صدام، لكن للأسف، لم تكن المشاهد تخص السجون، بل المقابر الجماعية!! نعم فصدام، لم يشأ ترك معارض ينعم بالهواء، حتى لو كان داخل جدران عفنة، لا تصلح لعيش الحيوانات، كما شاهدنا سجون بشار، بل كان يرى أن مصير كل من يعارضه الدفن، وليته كان دفنا لائقا بالإنسان، بل الدفن في مقابر جماعية، وأحيانا الدفن على قيد الحياة، مع العشرات من البشر! من المؤكد أن الأيام القادمة ستكشف المزيد من جرائم الأسد ونظامه، مثلما لازالنا نحن نكشف لليوم جرائم صدام، وللأسف لا توجد جرائم أقل من القتل!
العجب كل العجب، أن الصور الموثقة التي لازلت تملأ مواقع التواصل الاجتماعي، لم تغير من الطائفيين شيئا، فهناك من لازال يدافع عن النظام، ويكشف عن ضرورة بقائه! صحيح أن البديل مكشوف وواضح، وقد يكون أكثر بشاعة من نظام بشار، لكن ما كشفته الكاميرا من جرائم، بحق الانسان السوري، لا يمكن لأي عاقل، أن يقبل ببقاء ذلك النظام!