“أنقذوا أهوار البلاد.. حملة واسعة لمواجهة الجفاف

الجفاف يهدد أرض الرافدين وينذر بكارثة إنسانية

بغداد – زينب الحسني:

سُجّلت في مناطق الأهوار جنوبي العراق موجة جفاف غير مسبوقة تسبّبت في هجرات جديدة طاولت مئات الأسر، إلى جانب خسائر في المواشي والمزروعات، الأمر الذي دفع عدداً من العراقيين المهتمين إلى التحرّك، من بينهم ناشطون ومدوّنون عراقيون أطلقوا حملة واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي تحت عنوان “أنقذوا أهوار العراق”.
وكانت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) قد وافقت في السابع عشر من يوليو/ تموز 2016 على إدراج الأهوار في قائمة التراث العالمي، محميّة طبيعية دولية، إضافة إلى مدن أثرية قديمة قريبة منها مثل أور وأريدو والوركاء.
ومنذ مطلع العام الحالي يضرب الجفاف البلاد، وقد تسبّب فيه تراجع مستويات المياه الواصلة عبر نهرَي دجلة والفرات، نتيجة سياسات مائية لإيران وتركيا، من خلال بناء سدود وتحويل مجرى أنهار فرعية ومنع دخولها العراق. واليوم تبدو أهوار العراق أمام تحدٍّ خطير من أجل البقاء، في ظلّ تفاقم أزمة الجفاف التي يصفها خبراء بأنّها الأكثر قسوة منذ عقود طويلة، إذ تراجعت مناسيب المياه في المسطّحات المائية التي تغطّي مساحات كبيرة من محافظات عدّة، وتُعَدّ مصدر حياة بيئية خصبة تكوّنت حولها تجمّعات سكنية كثيرة من قرى وقصبات مختلفة تضمّ عشرات آلاف العراقيين.

نزوح واضح
وقد سجّلت الأسابيع الأخيرة نزوح عدد غير قليل من الأسر من مناطق الأهوار بسبب الجفاف، إذ إنّها تعتمد على تربية الجواميس والمواشي وصيد السمك اللذين تأثّرا بالجفاف، فيما تأثّرت الزراعة بذلك أيضاً.
وأطلق ناشطون عراقيون حملة لحثّ الحكومة على مساعدة أهالي الأهوار في جميع مواقع التواصل الاجتماعي. وفي وقت سابق، أفاد مقرّر لجنة المياه في البرلمان العراقي النائب عادل المختار بأنّ لجنته “دعت الرئاسات الثلاث إلى استخدام أوراق الضغط على دول الجوار لحملها على الانضمام إلى الاتفاقات والمعاهدات الدولية المختصّة بتوزيع المياه بين الدول”، موضحاً في تصريحات صحافية “ضرورة وضع الحلول لمعالجة الآثار السلبية لانخفاض مناسيب المياه، وأهمّها ارتفاع نسب التلوّث، لا سيّما بالمناطق الوسطى والجنوبية، وزيادة مساحات التصحّر، فضلاً عن اتساع هجرة العوائل، لا سيما من سكنة الأهوار والقرى إلى مراكز المدن”. وأضاف المختار أنّ “أهمّ تلك المعالجات تتضمّن ترشيد استهلاك المياه، من خلال وقف تربية الأسماك، وتغيير منظومات الريّ القديمة للبساتين .

صعوبة الموقف المائي
في هذه الاثناء، اقرت لجنة الزراعة والاهوار النيابية، بصعوبة الموقف المائي للبلاد ولجوئه الى خزينه المائي منذ مدة.
اذ يقول رئيس اللجنة ثائر الجبوري في حديث ان كثيرا من الدول تمر بسنوات جفاف، لكن تزامن قطع المياه من قبل تركيا وإيران على العراق أزم الموقف بصورة أكبر، مبينا ان هذا الفعل يعتبر انتهاكا للسيادة العراقية.
واشار الى ان هذا التمادي بسبب مرور البلاد بظروف غير طبيعية من الناحية السياسية.
وبشأن المياه الجوفية ودورها في حل الازمة، توقعت وزارة المـوارد المائية نفاد خزين تلك المياه غير المتجددة خلال عام واحد، بسبب التغيرات المناخية.
وقال مدير الهيأة العامة للمياه الجوفية بالوزارة باسم خلف مسعود، في تصريح صحفي، إن:”هناك نوعين من الخزين المائي في البلاد، متجدد والذي يتم استغلاله حالياً من المحافظات التي تعاني شحاً بالمياه، والنوع الآخر الخزين غير المتجدد، والذي توقع نفاده خلال عام واحد بسبب التغيرات المناخية، مشيراً إلى أن العراق هو خامس دولة عالمياً، تأثراً بهذا الجانب، بالتزامن مع قطع الواردات المائية من دول الجوار”.

التنوع الاحيائي
فيما يقول الخبير البيئي جاسم الأسدي، إن “وزارة الموارد المائية وضعت عام 2005 خطة لاستعادة 5600 كم2 من الاهوار العراقية البالغ حجمها الكلي 9650 كم2، وقامت بإنشاء مركز إنعاش الأهوار والاراضي الرطبة العراقية قبلها في عام 2003”، مبيناً، أن “الوزارة لم تتمكن من اغمار مناطق الاهوار بالمياه إلا عام 2019”.
وأشار إلى أنه “تم عام 2019 وصول كميات كبيرة من المياه الى نهري دجلة والفرات ومياه الأنهر عبر الاراضي الإيرانية، وتفاوتت مساحات الأهوار منذ عام 2005 وحتى الآن تبعاً لوفرة المياه وخطة وزارة الموارد المائية في توزيع المياه على الأهوار”.
ولفت الأسدي إلى أن “الأهوار تعتبر ملاذاً للطيور والحيوانات، كما انها تعد بيئة ثقافية إضافة الى كونها بيئة اقتصادية”، مؤكداً أن “الأهوار تتعرض حالياً لشح المياه وأثر الجفاف الذي وقع في سنوات متفاوتة على البيئة والتنوع الاحيائي ومعيشة السكان” داعياً إلى إيلائها أهمية في تدفقات المياه.
ويمتلك العراق ثلاثة اهوار رئيسية هي الحويزة، والوسطى بين نهري دجلة والفرات إضافة الى هور الحمّار، وتم إدراجها على لائحة التراث العالمي.
مناطق منكوبة
من جانبها أكدت مديرية بيئة محافظة ذي قار، تحركها لإعلان الأهوار (مناطق منكوبة) بسبب مشكلة الجفاف، فيما حذرت من مغبة حدوث كارثة بيئية نتيجة انخفاض مناسيب المياه.
وقال مدير بيئة ذي قار كريم هادي محمد، إن “مساحات كبيرة في مناطق الأهوار تعرضت للجفاف نتيجة انخفاض مناسيب المياه في نهري دجلة والفرات اللذان يعتبران مصدراً رئيساً لتغذية مناطق الاهوار ما أثر بشكل كبير على الواقع الاقتصادي والاجتماعي لسكان مناطق الأهوار”.
وأضاف، أن “سكان هذه المناطق يعتمدون في معيشتهم على صيد الاسماك وتربية الجاموس وهذه الحيوانات مرتبطة بوفرة من المياه، لذلك فإن قلة المياه والجفاف ستؤدي الى نفوقها مع الارتفاع الكبير في درجات الحرارة”.
وتابع، أنه “من خلال جولات كوادرنا البيئية في مناطق الاهوار قمنا بإعداد تقارير الى وزارة البيئة والجهات المعنية في المحافظة حول ما تتعرض له مناطق الاهوار من تدهور بيئي، وقبل اسبوعين عقد اجتماع طارئ للجنة الاهوار والاثار في محافظة ذي قار وبالاشتراك مع الجهات المعنية لمناقشة الواقع البيئي والاجتماعي فيها”.
وبيّن أنه “سيتم اعلان مناطق الاهوار مناطق منكوبة قريباً لما تتعرض له من كوارث بيئية، لذلك نوصي بضرورة زيادة الاطلاقات المائية حفاظاً على مناطق الاهوار التي تلاقي اهتماماً عالمياً بعد ادراجها ضمن لائحة التراث العالمي”.
بدوره أكد مدير دائرة إنعاش الأهوار في ذي قار عدنان الموسوي، أن “العراق يمر بمشكلة شح مياه الأمطار للعام الثالث على التوالي فضلاً عن قلة تدفقات دجلة والفرات من دول الجوار وهناك إجراءات عاجلة من وزارة الموارد المائية التي ننضوي فيها لتأمين مياه الشرب وضمان استقرار السكان”.
ومضى بالقول، “كما تم نقل المضخات السحب لمشروع ماء الغميجة في قضاء الجبايش الى العمود الرئيس لنهر الفرات، وهنالك أعمال تطهير وكري في كل مناطق محافظة ذي قار بهدف معالجة الشح الموجود في الأهوار”.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة