رئيس الوزراء.. بين الكتلة الأكبر والتحرير

في الوقت الذي يشترط فيه الدستور أن يتم انتخاب رئيس مجلس وزراء جديد حسبما تقتضيه المادة 76 من الدستور، بعد استقالة رئيس مجلس الوزراء، أي أن يكلف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة النيابية الأكثر عددا، فإن ثمة اعتراضات كبيرة من قبل المتظاهرين والشعب عامة، على جميع الأسماء التي قدمت من الكتلة التي يفترض أنها الكتلة الأكثر عددا. المتظاهرون، يصرون على اختيار شخصية مستقلة، لم تتبوأ منصبا في الفترة السابقة، في حين أن أغلب الترشيحات تنصب على أسماء، شغلت أو مازالت تشغل مناصب مهمة في الحكومة، او في المحافظات. فلا الكتلة الأكبر تقبل بترشيح شخصية على مقاسات التحرير ولا التحرير تطرح أسماءً معينة ليتم النظر بها من قبل الكتلة الأكبر. إن صمت المتظاهرين، عن تسمية مرشح لمنصب رئيس مجلس الوزراء، يمثلهم، مدعاة للاستغراب، فليس من المعقول عدم الاتفاق فيما بينهم على اسم معين لحد هذه اللحظة. ولا يعني أن عدم وجود معارضة أو الصمت تجاه طرح أحد النواب نفسه مرشحا للمنصب، يعني أنه مرشح التحرير، إذ يفترض أن يتم طرح اسم أو مجموعة أسماء تمثلهم، فربما يتم ترشيحه من قبل الكتلة الأكبر ليتم تكليفه من قبل رئيس الجمهورية. إن بقاء الوضع السياسي الحالي على ما هو عليه، ليس في مصلحة أحد، فلا بد من الامتثال للدستور، والعمل على تسمية مرشح جديد للوزارة، بعد استقالة رئيس مجلس الوزراء، وتحول حكومته الى حكومة تصريف أعمال. إن استمرار بقاء منصب رئيس الوزراء في ظل هذه الظروف شاغرا، وتمسك الطرفين، التحرير والكتلة الأكبر، بمواقفهم، يعني مزيدا من التدهور الأمني والسياسي والاقتصادي، فهناك حاجة ملحة وضرورية لوجود حكومة تتولى وضع حد للتدهور الحاصل، ولوقف الأزمات التي تحصل، والاضطرابات في الشارع، اضافة الى الحاجة الملحة الى وجودها لإرسال قانون الموازنة العامة لعام 2020 التي لا يمكن للحكومة الحالية إرسالها الى مجلس النواب، كونها حكومة تصريف أعمال، ولا يحق لها ذلك. حيث منع النظام الداخلي الحكومة من اصدار مشروعات القوانين وإرسالها الى مجلس النواب. الأحداث الأمنية المتسارعة التي يشهدها البلد، والتطورات السريعة التي قد تحول دون الالتفات الى مسألة اختيار رئيس جديد للوزارة، يشكل تحديا كبيرا أمام الكتل السياسية ومجلس النواب، حيث إنه يفترض أن تسمية شخصية متفق عليها من الجميع، وخصوصا من المتظاهرين، كفيل بأن يضع خارطة طريق للأزمات الحالية، ويساعد على حلّها عبر الطرق القانونية والدستورية. أما بقاء الحال على ما هو عليه، فيعني أن جميع المشكلات الحالية والأزمات ستستمر، وسيبقى البلد تحت مظلة الأزمات. وعلى المتظاهرين أن يحسموا أمرهم أو يقبلوا بمرشح الكتلة الأكبر. كما إن على رئيس الجمهورية أن يسعى لحل هذه المشكلة، وعدم التأخر أكثر من هذا الوقت في تسمية مرشح الكتلة الأكبر والتي يقبل بها الشعب. فهو الذي يتولى تكليف رئيس مجلس الوزراء بتشكيل الحكومة وهو الذي عليه التزامات دستورية كبيرة تتمثل في الحفاظ على التوقيتات الدستورية واحترام نصوص الدستور بشكل عام.

سلام مكي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة