ما البديل عن مؤتمر الكويت لإعمار العراق؟

د.عبدالخالق حسين
كاتب عراقي
بدأت الحملة الضارية ضد مؤتمر الكويت (المنعقد في 13-14 فبراير/شباط 2018)، لاعمار العراق، وطبَّلوا وروَّجوا بفشله حتى قبل انعقاده. والمتتبع لهذه الحملة يرى وراءها الوجوه نفسها والجهات التي حاربت، وما تزال تحارب العراق الجديد منذ 2003 وإلى الآن. فهؤلاء يغيظهم أي نجاح، أو عمل جيد لصالح العراق، وهم خبراء في تشويه الحقائق، وتضليل الرأي العام، ونشر أقوال ظاهرها حق وغاياتها باطلة. وكالعادة تمسكوا بذريعة الفساد لإلحاق المزيد من الضرر بالعراق، وكأن الشعب العراقي لم ينجب إلا الفاسدين.
أعتقد أن مؤتمر الكويت كان ضرورياً ولم يكن منه بد، وليس كما يروج البعض أن العراق راح يستجدي العالم لإعمار ما خربه الإرهاب والفساد. فالعراق تضرر أكثر من أي بلد آخر من الإرهاب البعثي الداعشي، ودفع عشرات الألوف من الشهداء من أبنائه في محاربة الإرهاب نيابة عن العالم، إضافة إلى الدمار الشامل لمدنه، وخاصة مدن المناطق الشمالية الغربية التي احتلتها عصابات داعش. لذلك فمن حق العراق أن يطالب العالم أن يتحمل قسطاً من مسؤولياته من تكاليف الإعمار، وهذا ليس استجداءً أو إهانة لكرامة الشعب كما يروِّج البعض. فالعراق لا يعاني من عقدة الكرامة.
والجدير بالذكر أن أميركا قامت بإعمار أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية على وفق (خطة مارشال)، ولم يقل أحد أن هذه المساعدات كانت استجداءً، أو إساءة لكرامة الشعوب الأوروبية وسيادتها. كما وساعدت أميركا في إعمار العراق بعد 2003 بما لا يقل عن 60 مليار دولار لغاية 2014. فنحن في عصر العولمة حيث أصبحت المشكلة الوطنية مشكلة دولية. ومحاولة عزل العراق عن الدعم الدولي ليست جديدة، إذ سبق أن طالب هؤلاء حتى بعدم مشاركة أميركا والقوات الدولية في دعم العراق في حربه على الإرهاب بعد 2014، بدعوى أن وجود هذه القوات في العراق إساءة للسيادة الوطنية، ولا يعتبرون احتلال داعش لثلث مساحة العراق إساءة للسيادة الوطنية. وبنفس الاسطوانة المشروخة أدعوا أن أميركا هي عدوة للعراق وهي التي خلقت داعش والقاعدة… الخ، وأوجدت داعش لكي ترسل قواتها للعراق ثانية بحجة محاربة الإرهاب!! لا شك أن هذه الدعوات تصب في خدمة (داعش) وفلول أيتام البعث وأشباه البعث.
فالعراق، وحسب تقديرات الحكومة العراقية يحتاج إلى 88 مليار دولار لاعمار مدنه المخربة، وكان يأمل من المؤتمر أن يتعهد الحلفاء بهذا المبلغ. وقد شارك في المؤتمر 77 دولة، كما و حضره الأمين العام للأمم المتحدة السيد غوتيريس، و وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موريغيني و حشد إعلامي عالمي كبير، فكان المؤتمر عبارة عن تظاهرة دولية لدعم العراق وإبراز ما تضرر من الإرهاب. ورغم ما تحقق من تعهدات المشاركين كان دون الطموح، إذ كما صرح وزير خارجية العراق الدكتور إبراهيم الجعفري: إن “المؤتمر تمكن من جمع 30 مليار دولار امريكي، ونحن نثمن الدول والمنظمات التي اعطتنا منح او قروض او استثمارات خلال المؤتمر”. إلا إن هذا المبلغ بحد ذاته ليس قليلاً، ولا يعني أن عقد المؤتمر كان خطأً، أو إهانة للشعب العراقي كما يدعون. وماذا كانوا سيقولون لو لم تسع الحكومة العراقية لعقد مثل هذا المؤتمر؟ بالتأكيد لرفعوا عقيرتهم بالصراخ أن هذه الحكومة ليست مهتمة بما أصاب العراق من دمار.
والمضحك المبكي أن ادعى آخرون ضد المؤتمر أن في حالة نجاحه سيوفر الفرصة للفاسدين في الحكومة لسرقة المزيد من الأموال. فما الحل في هذه الحالة، هل إبقاء الخراب على حاله، وعدم محاولة الاعمار، وإلى متى؟ المؤتمر أيها السادة لم يفشل كما تمنى أعداء العراق، نعم كانت نتائجه أقل من الطموح، ولكن الاتصالات لم تنته بعد، ولحد الآن وكما ذكرنا أعلاه، نجح المؤتمر في ما تعهدت به الدول الحليفة للعراق بنحو ثلاثين مليار دولار على شكل منح واستثمارات وديون، وهذا المبلغ يجب أن لا يُستهان به. وفي جميع الأحوال، نجح المؤتمر أم فشل في تحقيق الطموح فهو إجراء لا بد منه، إذ كما قيل: أن تحاول وتفشل خير من أن لا تحاول.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة