سعيد الروضان يأخذنا مع قصائده ووسائده “من ضفة لأخرى”

قراءة – احلام يوسف:
عندما يكون الحديث عن الشعر فإننا نقف امام حكاية او موقف يُقرأ برمزية عالية، وكلمات حفرت لها مكانا ما بين السطور، ليكتشفها المتذوق، والعارف بمعنى ان تترجم حالة، او احساساً، او موقفاً، بصورة تشبه الى حد كبير من يترجمها على لوحة، ليمزج ذلك الإحساس، او الموقف بعدة صور والوان، فكما هو اللون والصورة الرمزية تشرح حالة معينة، فرمزية الكلمة تفعل الفعل ذاته بالقصيدة.
سعيد الروضان بمجموعته الشعرية “من ضفة لأخرى”- قصائد ووسائد، والتي صدرت عن مكتب الناعور للطباعة والنشر، لم يعر الرمزية اهتماما كبيرا كعادة الشعراء، بل فضل ان تكون لغته سلسة وسهلة الفهم، فها هو يخاطب صديقه حمادي في قصيدة اصداء قائلا:
في الطريق .. اشد ما تمقته ركوب الحافلات.. فهي تحرمك التأمل.. في الجمال الذي تختزنه المدينة.. في الطريق.. تزدرد فردات تمر.. بلون ارجواني.. اسمها الديري.. الى اخر القصيدة، خاطب الشاعر “حمادي” الفنان، والرسام الذي استطاع ان يفلسف الفن من خلال دراسته، والذي ما زالت لوحاته الفنية تفترش ارضية شقته في بروكسل، تنتظر من ينتشلها من تراب الاهمال بعد موت صاحبها.
تميزت مجموعة سعيد الروضان الشعرية بـ”الوسائد” التي فصلت ما بين بعض من قصائده، وكانت شروحات لبعض المفردات التي قد تكون غائبة او يجهلها بعض القراء، وشرح مفصل عن اصول بعض المفردات التي تم ذكرها في هذه القصيدة او تلك، اضافة الى سرد بسيط لحياة حمادي الفنان الذي اختار ان يخاطبه من خلال قصيدته اصداء.
يقول هاشم البيراوي الذي كتب مقدمة الكتاب: “للولع والافتتان بالمكان، والاشخاص، والعناوين المحفورة في الذاكرة، اثر واضح في استعمال الموروث الشعبي الزمكاني، وخلق الرغبة لدى القارئ في الاطلاع عليها، واللهث وراءها لمعرفة اسرارها، واحداثها، مما اضطره بشغف ان يتم مطالعتها من دون ان يرمش له جفن، تفاصيل، وجزئيات تجعلك سابحا في سماء الماضي الذي لا يعود، وان عاد فان ابطاله غائبون او مغيبون”.
الروضان كان يشبه الى حد كبير ربان السفينة، الذي يحط رحاله هنا وهناك، وفي كل ميناء يلتقط مع مرساته ذكرى حكاية، او ذكرى شخوص، ليحملها معه ويؤطرها فيما بعد بقصيدة، او سرد، يحكي قصته معه.
نشر الروضان في ختام مجموعته، قصة “نشرة الشروق الثقافية” حيث يقول انه التقى بصديقه صبري عبد الرضا، وهو طالب في المرحلة الاعدادية، وصاحب فكر متنور، ولديه اهتمامات قصصية: قررنا معا تجميع الشباب في نشرة مكتوبة باليد، وكانت اسهامات متنوعة، فأسهم صبري عبد الرضا بعملين، الاول قصة قصيرة بعنوان “حدث في القرية”، وتتناول موضوع الثأر العشائري كونه ظلما اجتماعيا، والثاني عبارة عن مقالة تحت عنوان “حوار مع الطبيعة”.
اسهم الروضان في النشرة بعملين الاول قصيدة من الشعر الحر تحت عنوان “عيد وضجر”، تناول فيها الهم الانساني لدى الاطفال، والعمل الثاني مقالة ادبية تتناول حياة واعمال الروائي “ارنست همنغواي”.
نشر الروضان “النشرة”، كما هي، بخط اليد، ونشر فيها تحت اسم سعيد عبد علي، وكانت تضم اضافة الى ما ذكر، قصيدة بقلم عبد الامير كاظم بعنوان “لأني”، ومقالة بعنوان “حكم الضمير والالتزام بالحق”/ لمنعم مجيسر تحدث خلالها عن معادلة ارضاء الضمير/ او ارضاء الشخوص لمصلحة اوغاية، وعن تبعاتها على الفرد، وقصيدة “عام جديد” لمحمد الهاشمي، اضافة الى قصيدة شعبية بعنوان “الثقافة” لعبد الرضا صالح، ثم ختم العدد بباب طرائف وهل تعلم، ليكون الكتاب ليس مجرد مجموعة شعرية بل تفاصيل وزوايا بعض من التاريخ.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة