تبدو مشاورات تشكيل الحكومة العراقية محفوفة بمخاطر العودة الى السياقات السابقة التي جرى فيها التحكم بمقاليد الاختيار والتنازع حول هذه المهمة وعلى الرغم من الوعود والتعهدات التي تم قطعها امام رئيس الوزراء عادل عبد االمهدي من قبل مجموعة من الاحزاب والكتل السياسية الا ان واقع الامور يشي بان هناك ثمة تراجع عن هذه الخطوة فما يترشح من اخبار حول هذا االموضوع يشير الى وجود رغبة جامحة لبعض التيارات السياسية للدخول في معترك الاختيار والتدخل لفرض اسماء بعينها او معارضة اختيار اسماء جرى تداولها او تم ترشيحها وهذا يعني بان هناك ارادات متقابلة او متعاكسة ستعيق سرعة حسم تشكيل الحكومة وتقف حجر عثرة امام رؤية عادل عبد المهدي وسعيه لانجاز مهمة اختيار الكابينة الوزارية ضمن التوقيتات الدستورية المحددة وفي خضم هذه الاجواء المشوشة فاننا نعيد التذكير من على هذا المنبر بالاسس والمعايير السليمة التي تتيح تحقيق الاصلاح والتغيير في العراق والتي لطالما نادت بها الملايين من الشعب العراقي من خلال التظاهرات والاعتصامات ومن خلال البيانات والاجتماعات لمنظمات المجتمع المدني والناشطين في مجال الحرية وحقوق الانسان ودعمتها حركات الاحتجاج لبعض الرموز الدينية ومؤيديها في الاوساط الشعبية ويبدو ان المطالبات بتشكيل حكومة عراقية مستقلة تضم كفاءات مخلصة ونزيهة لايزال حلم بعيد المنال عن تطلعات الشعب العراقي فهناك اليوم من يتطلع في اوساط المثقفين العراقيين لاختيار وزير ثقافة عراقي من خلال اختيار النخب والكفاءات في ميادين الثقافة والادب وهناك من يريد اختيار وزير داخلية عراقي مشهود له بالكفاءة ويتمتع بالخبرات الامنية وينتمي الى المؤسسة الامنية وهناك من يتطلع لاختيار وزراء للزراعة والصناعة والتجارة والتربية والتعليم العالي وغيرها من الوزارات االعراقية اكفاء وقادرين على ادارة وزاراتهم لانهم الاقدر والاكفء فيها ولانهم خرجوا من رحم هذه الوزارات فكرا وعملا ولربما يتساءل البعض من اين ناتي بمثل هؤلاء وكيف يتم العثور عليهم فنقول له ان الوزارات العراقية متخمة بمثل هؤلاء والبيوت العراقية يجلس فيها اليوم العشرات من هؤلاء النخب وبلاد المهجر مترعة بالمبدعين العراقيين في مجالات الصحة والفن والتعليم والصناعة والمالية وغيرها من الاختصاصات المتطورة وان المشكلة ليس في عدم العثور عليهم ولا في عدم معرفة اسمائهم المشكلة الحقيقية هي عدم وجود ارادة حقيقية للتوجه اليهم او السعي لاختيارهم والمشكلة ايضا في اصرار بعض التيارات السياسية على عدم التفريط بالمحاصصة الحزبية واعتبارها ميزانا عادلا لتقاسم العناوين والمناصب ومادام اهتمام هذه التيارات منصبا في هذه الدائرة فان الامل ضعيف بخروج العراق من مساحات العتمة الى مساحات الضوء فالجميع هنا بانتظار وزارات النخبة االتي يمكنها ان تطيح بعنايون الفشل والفساد وتكسر ارادات التخلف وان تبعث الامل بولادة عراق جديد يمنح الفرصة للمبدعين والكفوئين والمخلصين والنزيهين بان يؤدوا دورهم في الوزارات العراقية ويدعمون الهوية الحقيقية لها ويقتربون اكثر من هموم ابناء الشعب العراقي بمختلف اهتماماتهم .
د. علي شمخي
وزارات النخبة
التعليقات مغلقة