في ظل وجود أكثر من 100 حزب
ترجمة: سناء علي
« بعد نظام انتخابي عاشه العراق لسنوات متتالية أنتجت وبكميات هائلة تجمعات واحزاباً وكيانات أعتادت على الاصابة بالهستيريا قبيل أي موعد انتخابي في العراق , مكونة لنفسها تحالفات وتوافقات تعزز من التصاقها بكراسي الحكم , لم يجنِ المواطن العراقي منها سوى ويلات حروب واختلال اصاب جميع مؤسساته الاقتصادية والبنيوية , وحرب ضروساً ضد داعش والارهاب أنهكت ميزانيته , وقد تكون دعاية الانتخابات بدأت مبكرة هذا العام , حسب معدل السفريات التي قام بها رؤساء الاحزاب والكيانات السياسية من اجل طلب الدعم الخارجي .» هذا ما ابتدأت به الدكتورة « جيلي ساندر « تقريرها الذي نشر على الصفحات السياسية الاولى للتايمز البريطانية.
وتساءلت ساندر في رسالة تم توجيهها من قبلها لجميع الاحزاب والمكونات السياسية في العراق « هل من مجيب فيما لو سألنا هل مددتم شبكات مياه صحية لهؤلاء المواطنين ؟ وهل من مجيب فيما لو تم بناء مساكن متوسطة الكلفة تأويهم من حر الصيف وبرد الشتاء ؟ وهل من مجيب فيما لو قمتم بتوفير أدنى درجة من الأمان لهم بدلا من تركهم هدفاً رئيساً لضربات الارهابيين بسياراتهم المفخخة ؟ وهل هؤلاء الرؤساء من الكتل والاحزاب التي برعت في قهر هذا الشعب المسكين تفتقر للأموال حتى تتسولها من بلاد خارجية ؟ وما المقابل الذي سيجنيه رئيس دولة عربية أو حتى غربية فيما لو تم دعمه لهم ؟»
وبينت ساندر ان « خطر المقاطعة في ظل الأداء السيء لتلك الاحزاب اصبحت السمة الاكبر لحديث وحوار الناس في كل مكان , كون المدة الماضية هي الاسوأ بسبب انخفاض اسعار النفط والعجز في الميزانية وانعكاساتها على الوضع المعاشي للمواطن. والتحدي الثاني هو احتلال تنظيم داعش الارهابي لثلث الارض العراقية نتج عنها اكثر من اربعة ملايين نازح والذي ارتفع حالياً العدد الى خمسة ملايين خلال معركة الموصل.»
وأكدت أن « عدة مكونات سياسية فقدت قاعدتها الانتخابية في العراق وهذا بالتالي يعني عدم مشاركة عدد كبير في الانتخابات فضلا عن اعتراضات من تحالف القوى الذي فقد قاعدته الانتخابية في ظل تركهم لجمهورهم في أصعب الظروف والتحدي الثالث هو المؤكد وهو التخطيط لتأجيل الانتخابات وتمديد المدة التشريعية للبرلمان ومجالس المحافظات لان الغالبية من النواب وأعضاء مجالس المحافظات لن يضمنوا عودتهم الى قبة البرلمان وبالتالي التمديد سيفيد الجميع.»
« هل سيكون العراق أمام نظام انتخابي جديد يضمن بقاء هؤلاء من دون الحاجة للتجربة الديمقراطية ومراكز الاقتراع ؟ هذا السؤال الذكي هو ما يتم طبخه بهدوء بين اروقة الجلسات السرية التي تعقد بين رؤساء الكتل ومموليهم في الخارج وبمباركة من جنودهم المجندة في الداخل , بدلا من أن يكلف هؤلاء أنفسهم ببحث إصلاحي في انتاج قانون حديث للأنتخابات يخرج جميع القوى من الاصطفافات الطائفية والمذهبية والمناطقية وتجديد الـحـيـاة الـسـيـاسـيـة ويتم بــنــاؤهــا عـلـى أســس وقـواعد صلبة تـخـرج البلد مـن الأزمـــات المتلاحقة التي تـعـصـف بـمـؤسـسـاتـه الـسـيـاسـيـة والــدســتــوريــة، وليس إعادة تموضع القوى الحالية في السلطة.»
وبينت ساندر ان « تلك القوى السياسية خارج السلطة لا تـعـمـل بـنحو جــدي لـطـرح مـشـروع قانون انتخابات عصري جديد بقدر اكتفائها بالتشكيك و بـطــرح الانتقادات للمفوضية , بل نجدها متوافقة فقط في طرح قانون اعتماد النسبية والقوائم المفتوحة ودائرة انتخابية واحدة لكل ١٠٠الف صوت كونه يصب في صالحها .»
واستطردت سارتر بالقول ان « مجلس النواب العراقي يفتقر الى ابسط الاجراءات القانونية بحق اعضائه , فهم يتغيبون من دون حساب وتتم قر القوانين واتخاذ القرارات من دون اكتمال النصاب لأعضائه , . فكيف يمثل الشعب عضو في مجلس النواب وهو لم يحضر الجلسات الا بالمناسبات القومية والوطنية ؟ . الأحزاب التي تربعت على صدور العراقيين بالحيل والمكر والفساد وهدر المال العام هي اليوم اضعف من أي وقت مضى، لكن ذلك لا يعني اننا امام طريق معبد للوصول الى تحقيق المطالب الشعبية فكما أن هناك نقاط قوة للشعب فان القوى الخاسرة ستستعمل كل ما في ترسانتها الدعائية وأساليب الخداع وتحويل الانتباه من اجل الإبقاء على حظوظها في الساحة العراقية.»
كما أوضحت ان « لم تأتِ الانتخابات المقبلة في العراق بجيل سياسي جديد وتقصي الحرس القديم فلن يكون هناك تغيير جوهري وسوف يدخل البلد في مشكلات معقدة تكون عواقبها وخيمة على الجميع, اضافة الى ان التغيير المنشود الذي يطمح اليه المواطن لا يتحقق , الا بتغيير جوهري لقانون الانتخابات والمفوضية واستبداله بآخر تحت رعاية خبراء وذوي اختصاص , اضافة الى وعي ونضج الناخب وعدم رضوخه وانصياعه الى ارادات الكتل السياسية كما ان التغيير يتطلب بديلا قوياً ومقنعاً وموثوقاً به قادراً على ملء الفراغ الذي تتركه الكتل السابقة.»
سارتر اختتمت تقريرها بما يخص تسليط النظر على اهم القضايا التي من شأنها أن ترتقي بالعملية الانتخابية في العراق وحمايتها من التلاعب بالقول « لا يمكن غض النظر أن هناك تلاعباً سيحدث في الانتخابات المقبلة في العراق كون عدد المشاركين سيكون أقل , خاصة ان المواطن العراقي لن يكون صيداً سهلاً هذه المرة , لذللك لا يمكن القضاء على التزوير إلا من خلال توطين التكنولوجيا في كل مفاصل العملية الانتخابية , اضافة الى تحديث السجلات واصدار بطاقة الناخب والادلاء بالصوت والفرز بكل مراحله وغيرها وبعكسه فإنه لا يمكن القضاء على التزوير.»
* عن صحيفة الـ «صن تايمز البريطانية»